![]() مارسيل فؤاد [email protected] كتبت الشاعرة أمينه عبد الله وقالت: "يشغلني كثيراً أن الله امرأةً محبة فهي القادرة فقط على خلق كل هذا الجمال من عدم وهي القادرة على فعل الولادة..." تم رفع قضية على هذه الشاعرة المصرية حين تكلمت عن الله كأم ، والسؤال هل هناك أعظم من الأمومة لكى ننسبه لله ؟! حقاً الله روح لا جنس له ومن العبارات التي تدل على روحانيته ما جاء في تث 4: 15-18 "فَاحْتَفِظُوا جِدًّا لأَنْفُسِكُمْ. فَإِنَّكُمْ لَمْ تَرَوْا صُورَةً مَّا يَوْمَ كَلَّمَكُمُ الرَّبُّ فِي حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. لِئَلاَّ تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، صُورَةَ مِثَال مَّا، شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى". هكذا فتذكير (من الذكورة) الله ضد كلمة الله. فالروح عقلانيّ الفكر، أخلاقيّ الضمير، حر الإرادة. أنا أؤمن أنّ الله روح ليس ذكرًا ولا أنثى لذلك يحيرني السؤال التالي: لماذا عندما نشبه محبة الله الفائقة لنا نشبهها بالأب؟! لقرون ينسبون لله الذكورية ويرون انّه مدحٌ، أمّا نسب صفة أنثويّة لله فيعتبرونه أهانه لله! كتبت كتابي "الله المرأة والأخرون" (دار رسالتنا للنشر) وهو بحث عن الصفات الأنثوية لله في الكتاب المقدس وكم تعزّى قلبي عندما أدركتُ أمومة الله التي حجبوها عنا طول هذه القرون. فالله روح ليس له نوع جنس ولم يرَ أحد الله، ومن حق كل إنسان أن يرى الله كما يحب فكل منا لمس الصفات الجميلة في الأمومة والأبوة ونتعزى عندما نتحدث عن الله كأب فلماذا لا نرى الله أم؟! فالأمومة أعمق وأكثر أصالة من الأبوة وأكثر ارتباطاً بالمولود بحكم الطبيعة نفسها؛ فهي من تحمل وتلد وترضع. ومهما قدّم الأب للطفل لا توازي تقدماته أبدًا ما تقدّمه الأمّ بحكم الطبيعة. أمومة الله هزت أركان قلبي وأوضحت لي شخصيّة الله بشكل مختلف ومتميز، لأن الأبوة والأمومة معًا يعبّران عن صورة الله (تك1: 27). فالله ليس ملقح يرمى بذرتنا بدون أن يشعر بها، بل هو حاضن قريب منّا كالأمّ. فمن رسموا الله على صورة ذكر وأب فقط، لا يعلمون كم شوّهوا صورة الله؟! فالله خلق الأنسان "مثنى ذكر وأنثى" بهم تكامل يعبر عن صفات الله، فالجنسين يتكاملان مثل العينين في وجه الأنسان. عندما نعظ عن الله كأب فقط نقدم إلهًا يفتقر للصفات الأنثوية الرائعة كالحب، والحنان، والتضحية، والأمومة. انا شخصيًّا لا أرى حبًّا أعظم من حبّ الأم، فهي فعلت الكثير قبل أن يرى الأب الطفل ودفعت ثمن الولادة من جسدها، وخاطرت بحياتها في عمليّة الولادة، واستنزفت من صحّتها في فترتي الحمل والرضاعة المرهقتين، وخاصة فترة الحمل التي غيّرت ملامحها وأثقلت جسدها. فما يحدث للأم من تغيرات عند الحمل والولادة يشبه في نظري الفداء الذي حول شكل المسيح الذي قيل عنه "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي الْبَشَر" (مز45 :2) إلى "لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ (إش53 :2). الله لم يخلقنا من لا شيء، بل من كيانه، ومن ذاته تمامًا مثل الأُم التي تنجب طفلها من ذاتها ولحمها ودمها. وعلى هذا نكون نحن لحم الله وجسده وأعضاؤه، هناك إذًا علاقة عضويّة بيني وبينه، خلقني وجبلني من ذاته، وحينما أبتعد عنه أشعر بفراغ داخلي نفس شعورنا عندما تبتعد الأم عنّا ونحن رُضَّع. والعكس بالعكس، فحينما أبتعد عنه ينقصه شيء، وكأنّ شيئًا قد انتُزع من أحضانه، ويشعر ب«فراغ» أنا الوحيد الذي بمقدوري أن أسدّه. فالمسيح حملنا كما تحمل الأم المولود، لذلك بعد اللقاء معه تكون لنا ولادة ثانية "مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ" (1بط 1: 23). والله في الكتاب المقدّس يلد "كلّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ" (1يو3: 9)؛ فالولادة من الله ليست مجرد أنّه ألقى بذور الحياة داخلنا، بل تعني أنّه حملها ورعاها وأهتم بها كما تهتم الأم بتفاصيل نمو أولادها.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|