خريستو المرّ
إذا ما أتى رمضان عرف محبّو الله في كلّ دين، أنّ قلوب محبّيه من المسلمين توجّهت إليه لتقول أنّ الله أكبر من كلّ شيء حقّا. في رمضان يقول الصائمون بأجسادهم بأنّ الله لهم هو أكبر من الحاجة الجذريّة إلى الطعام، أنّه حياة الحياة، أنّ العيش وحده ليس هدفا وإنّما الهدف أن يحيا الإنسان ببهاء وكرامة أمام وجه الخالق. عند المحبّين، لم يكن أيّ صوم يوما إلاّ تكثيفا للانشغال بواهب الحياة، بمن هو الحياة بأل التعريف. وتكثيفُ الاهتمامِ لعبةٌ يعرفها العاشقون. الصوم، عند مَنْ استطَاعَهُ صحّيًا؛ رياضة للقلب؛ به يواجه الإنسانُ بجوعه، أي بجسمه وبنفسه التي تجوع إلى الحياة، حقيقتَه: هل قولي بأنّ الله هو الألف والياء، البدء والمنتهى، هو قول صادق؟ ولأنّ الصوم امتداد إلى فوق، فلا معنى له إلاّ بالمشاركة، أي بالبذل كي لا يفنى المساكين إذا ظنّوا أنّ أحدا لا يفكّر بهم. ومن خطا هذه الخطوة الأخيرة نحو المساكين، يقلق؛ ولهذا يسعى حتّى آخر العمر أن يرفع عن المساكين ما يحتجزهم في البؤس. كلّ بذل، وكلّ نضال من أجل عالم أكثر عدلا يتجذّر في الصوم، صوم القلب عن الراحة ليتمسّك بوجه المساكين، أو بوجه الله في المساكين. ومن ذاق طعم الموت في الصوم، يتدرّب على المشاركة، أي على الموت عن انغلاقه، حتّى يرتاح قلبه في قلب الله. هكذا يعرف الإنسان ما سمّاه الغزالي صوم القلب عن الدنيا، وكفّه عمّا سوى الله. وإذا الصوم خبرة انقطاع واتّصال بآن، تتجلّى ببهاء وصمت في خدمة وجه المساكين. الإفطار في الصوم شيء من تذوّق مسبق للعيد، هو عيدٌ يوميٌّ صغيرٌ يتمتم عيد الفطر. فبعد رمضان، يأتي الفطر احتفالاً بالحياة: أن نأكل معا، أي أن تشبع أجسادنا ونفوسنا بعدما عبرت الصحراء وجازفت، وأن تشبع قلوبنا بأن نكون معا. لكنّ القلق الأخير عند من تذكّر، هو قلق الظلم. كيف يمتدّ الفطر بعد الفطر، إلى البُنى الاقتصاديّة والسياسيّة؟ الفاهمون يعلمون أنّ الفقراء والمسحوقين والمهمّشين يلدهم الظلم، والظلم تصنعه السياسات، وكلّ من قرأ عرف هذه الحقيقة البسيطة التي يعرفها أبسط البسطاء. أن يفرح الإنسان بالفطر، وأن يُبقي في قلبه على هذا القلق المحيي بأنّه لا يحيا من نفسه، ولا لنفسه فقط، عيدٌ يشحذ همّته كي يرفض بنى الظلم حوله ويغيّرها، بيده، وإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. والتدريب الذي روّض نفسه عليه بأنّ الحياة أهمّ من العيش يصبح لديه نبع بذل وتضحية من أجل الحياة ببهاءٍ وكرامة. وكي لا يضلّ يعمل الإنسان مع غيره الذي هو آخر بالفعل، فلا يُقصي آخر لاختلافه معه بالإيمان أو بالشكل أو بالعادات، فالإقصاء أوّله آخَر بعيدٌ، وآخِره آخَرُ قريبٌ، وكلّ إقصاء نسيانٌ لله الذي خلق الجميع، وبذاك هو آب الجميع إذ هم عياله. الإقصاء بين الناس، هو طعام الذين ظنّوا أنّهم يكونون بأنفسهم وليس بوجه الله، وبهذا هو إفطارُ موتٍ، هو عكسُ افطار الحياة الذي يربّيه رمضانُ في القلوب. ولأنّ الطائفيّة مُقصِيَة للآخر فهي مرض الذين قالوا آمنّا، ولكنّهم لم يعرفوا في قلوبهم، لا رمضان ولا الفطر ولا الصوم الأربعينيّ عند المسيحيين ولا الفصح. هي مرض هؤلاء الذين فقط قالوا ولمـّا يدخل الله قلوبهم لتحييهم كلماته، فيتغيّروا، ويُغيّروا الأرض لنصبح تباشيرَ سماءٍ بالعدل والتعاضد في الحياة الوطنيّة؛ هي مرض الذين لم يجمعوا أبناء وبنات الله المتفرّقين، ليتوحّدوا بالمشاركة من خيرات الله التي تركها بيننا على هذه البسيطة. الظلم عنفٌ، وهو يُزهق أجسادا ونفوسًا، باعتلال الصحّة، وبالأسى الكبير الذي قد يتحوّل يأسًا ويُنتِج عنفا. كلّ من صام رمضان وأفطر قَبَسًا من وجه الله ووجوه المساكين، لم يستطع أن ينام حتّى يسود عدل يوقف نهر العنف، بدءا من ذاك العنف المـُسَجَّلِ في البنى والسياسات؛ علّ الوطن عندها يصبح مشاركةً، ويفطرُ الجميع بهاءً وعدلاً، ويعرفوا أنفسهم عائلة على مائدته هو، هو الذي صام له المحبّون وبلقائه عيّدوا.
1 Comment
We are pleased to announce the publication of a co-edited book by Rev. Dr. Mitri Raheb -- Telos Magazine editorial board member -- with Dr. Saeb Erakat: “The Double Lockdown: Palestine under Occupation and COVID-19”. The book is available for free -- click here
The Covid-19 pandemic is changing both the global and the local scene in Palestine. As the world seeks an effective global response to the COVID-19 pandemic, Palestinians hope for an effective international coalition to bring an end to occupation The first section of the booklet focuses on the political aspects with an opening paper by the Palestinian Chief Negotiator, Dr. Saeb Erakat, on the impact of COVID-19 on international relations and its potential impact on the Israeli-Palestinian conflict The paper is followed by two case studies: Dr. Bernard Sabella, member of the Palestinian Legislative Council, looks at Jerusalem, a city that Israel declared united under its sovereignty. However, during the pandemic, the city is revealed as divided into two different sets of medical and social infrastructure and services. The second case is presented by Xavier Abu Eid who examines the Israeli annexation plan promoted by President Trump that strangles the city of Bethlehem and confiscates two strategic areas west of the city: the Cremisan Valley and Makhrour These papers are followed by a paper by Dr. Dalal Iriqat who examines Israeli politics during COVID-19. The arrival of the virus coincided with a third Israeli election and the forming of a new ‘unity government’ that may have a significant impact on Palestinians The fifth paper by Dr. Faisal Awartani looks at the statistics related to COVID-19 and compares Palestine’s data with that of the rest of the world, concluding with relevant recommendations for international agencies and governments. Dr. Maher Deeb, the Medical Director of Saint Joseph Hospital in Jerusalem, gives then a firsthand account of his experience with the pandemic The second section of the booklet has five papers: The first is by Hani Abu Dayyeh, a leading figure in the Palestinian tourism industry. It analyses the devastating effects of the pandemic on the Palestinian tourism industry in general, particularly the city of Bethlehem which may need two to three years to recover. The second paper by Ms. Randa Siniora provides a gendered perspective on violence against woman. Palestinian women have been exposed to two different forms of violence, one by the Israeli occupation and a second from a Palestinian Arab patriarchal society, with the pandemic complicating domestic violence The third paper in this section by Ambassador Issa Kassissieh examines the performance of churches in Jerusalem in dealing with COVID-19, especially the pandemic measures implemented during the holiest week of Easter, and the dilemma of churches in relation to the civil authorities. A paper by Rev. Dr. Mitri Raheb gives a snapshot of new forms of religious practices that have developed in response to the shutdown of churches caused by the coronavirus. He explains short and long term impact that these changes might have on how religion is lived and experienced. The final paper by Dr. Varsen Aghabekian is a firsthand testimony reflecting the intersection of politics and health by a Jerusalemite who loses a father during the pandemic and within the larger context of occupation. The fight for life, dignity, identity and peace does not cease with death but remains a struggle carried on by one generation after the other. مقدمة
ينظم كل من كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة والمنتدى الأكاديمي المسيحي للمواطنة في العالم العربي المؤتمر السادس الذي يتمحور حول " التعليم العالي نحو مجتمعات حاضنة للتعددية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام 2020، ويأتي هذا المؤتمر استكمالاً للجهود والطروحات التي تمّت في مؤتمر عام 2019 بعنوان "نحو مجتمعات حاضنة للتعددية"، وذلك انطلاقا من التوصيات التي أكدت ضرورة التركيز على دور التعليم العالي في بناء مجتمعات حاضنة للتعددية والاهتمام بهذا الدور باستمرار وتطويره. الأهداف يهدف المؤتمر إلى تشجيع الباحثين, الخبراء والناشطين من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الانخراط في حوار نقدي بنّاء حول دور التعليم العالي في تعزيز التعددية الاجتماعية والدينية والتعددية المرتبطة بالنوع الاجتماعي. كما سنناقش هنا دور التعليم العالي في تمكين الشابات في العالم العربي. بالإضافة إلى ما سبق؛ سيتناول هذا المؤتمر الشروط والمنصات المستثمرة في التعليم العالي وكيفية استخدام مهارات الناشطين فيها ومعارفهم في بناء مجتمعات أكثر انفتاحًا وانخراطًا؛ ولا بدّ لنا من الاعتراف بأن مجتمعاتنا لا تزال إلى اليوم بعيدة عن معالجة التحديات الاجتماعية الخطيرة وهي بعيدة كذلك عن تقييم طرق التعامل مع العقبات والقيود التي تحبط بعض المبادرات الجيدة، مما يتحتم عليه توفير التعلم نحو المسؤولية الاجتماعية وزيادة الوعي حول الخيارات المختلفة للمجتمعات الحاضنة للتعددية. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى؛ فيهدف المؤتمر إلى تحفيز الباحثين على التحقيق في هذه القضايا في البحوث الحالية والمستقبلية وحث صانعي السياسات وأصحاب القرار على ضمان وجود التعليم العالي في متناول جميع أفراد المجتمع. وعلى هذا النحو، ندعو الباحثين إلى تقديم أوراق علمية تتناول القضايا المتعلقة بالوضع الحالي لمجتمعات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتناقشها وتعالجها في إطار المجتمعات الحاضنة للتعددية، بحيث يوفر مؤتمر "التعليم العالي نحو مجتمعات حاضنة للتعددية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" مظلة للمواضيع الفرعية الآتية: تحديات التعليم العالي وإمكانياته فيما يتعلق بـِ: 1) التعددية الاجتماعية الثقافية. 2) التنوع الديني. 3) النوع الاجتماعي. يوفر المؤتمر منتدى لتبادل الأبحاث الحديثة، وتسليط الضوء على المبادرات الاجتماعية للتغيير، وتعزيز التفاعل والحوار بين المشاركين، وجمع النتائج في دراسة شاملة يسهل نشرها على نطاق اوسع. فإن المشاركة في هذا المؤتمر من دول مختلفة سوف تعزز تعدد التخصصات والثقافات من أجل حوارات حقيقية وأفكار جريئة بشكل مستمر. ومن المقرر أن يُعقد المؤتمر في الفترة الواقعة بين 29 تشرين الأول / أكتوبر و1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020م في جزيرة قبرص. وستتكون من ثلاثة أيام من المحاضرات والحوارات وتقييم السياقات الاجتماعية الثقافية والاقتصادية والتعليمية. كما سيتم تنفيذ البرنامج باللغة العربية. عنوان المؤتمر التعليم نحو مجتمعات حاضنة للتعددية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الهدف الرئيس للمؤتمر إثارة حوار نقدي حول الوضع الحالي في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتعلق بـ: التعليم العالي، والتعددية الدينية، والمساواة بين الجنسين، والتماسك الاجتماعي. أهداف المؤتمر • تحليل أثر التعليم العالي على القضايا المتعلقة بالتعددية الدينية والمساواة بين الجنسين والتنوع الاجتماعي والثقافي والسياسي. • استكشاف قصص النجاح وأفضل الممارسات والخبرات وتبادلها. • توفير منتدى ذي صلة وثيقة بين الأعضاء لمناقشة موضوعات المؤتمر. • مشاركة أوراق وتوصيات المؤتمر مع المجتمع الأكاديمي. • تشجيع التحليل متعدد التخصصات وإجراء المزيد من البحوث فيما يتعلق بالتعليم العالي. موضوعات المؤتمر ومحاوره • دور التعليم العالي في التغيير الاجتماعي الحديث. • منظورات ووجهات نظر شاملة حديثة في التعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. • دور التعليم العالي في المساهمة في النمو الاجتماعي والاقتصادي. • دور الإعلام في تشكيل الآراء تجاه المجتمعات الحاضنة للتعددية. • أثر أزمة جائحة فيروس كورونا على التعليم العالي في العالم العربي. • تطوير هويات حصرية ومتعددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليوم. . تحليل مساقات جامعية من حيث التطرق الى موضوع التعددية. دعوة لإرسال الأوراق البحثية: ندعو الباحثين إلى تقديم أوراق بحثية أصلية وليس بالضرورة منشورة حول أي من الموضوعات ذات الصلة. نرجو ملاحظة ما يلي: يجب أن تكون الأوراق مكتوبة باللغة العربية. • يتم إرسال الأوراق عبر البريد الالكتروني التالي: [email protected] • يتم إرسال الملف بصيغة مستند Word وهي الصيغة الوحيدة المقبولة. • 30 مايو 2020: الموعد النهائي لتقديم ملخص حول الورقة البحثية في 500 كلمة حد أقصى. • 15 يونيو 2020: يتم إشعار الراغبين في المشاركة حول قبول الورقة البحثية أو رفضها. • 15 أغسطس 2020: الموعد النهائي لتقديم الورقة البحثية كاملة. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|