ماريَّا قباره
إنّ حريّة الدّين أو المعتقد دعامة أساسيّة لقيام أيّ نظام ديمقراطيّ حديث. وحرية الدّين هو مفهوم سياسيّ ومجتمعيّ تضمن فيه الدّولة حريّة العِبادة دون التضييّق على أصحاب أيّة عقيدة في الإيمان أو الفكر أو الممارسة. يمكن لكلّ منّا أن يقرأ في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "أنّ لكلّ شخص الحقّ في حرية الفكر والوجدان والدّين. ويشمل هذا الحقّ حرية تغيير دينهم أو معتقدهم، وحرية إظهار دينهم أو معتقدهم بالتّعليم والممارسة والعبادة وإقامة الشعائر، سواء بمفردهم أو مع جماعة، علانية أو سراً". إلاّ أنّ هذا الإعلان في بلاد SWANA، منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا، يصطدم بالقوانين والمشاعر الدينيّة الّتي تدعمها دساتير دول الشّرق الأوسط لتصبح ذريعة لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تلك التّي تؤثّر على النّساء والفَتيات والأشخاص الّذين ينتمون إلى الأقليات الدينيّة والإثنية، أو غير المؤمنين والأشخاص على أساس ميولهم أو هويتهم الجنسيّة. حول حرية الدّين أو المعتقد FoRB اختتم اللّقاء التشاوري أعماله والمنظَّم من قبل جامعة دار الكلمة- فلسطين، والمنتدى الأكاديميّ المسيحيّ للمواطنة في العالم العربيّ (Cafcaw) في مدينة ليماسول في جزيرة قبرص. حيث نوّه القس البروفيسور متري الراهب رئيس الجامعة، مع د. باميلا شرابيه منسّقة أعمال (Cafcaw) ومديرة برنامج اللقاء التشاوري على أهميّة هذا اللّقاء ومناقشة محاوره ضمن مقاربة شموليّة لمفهوم الحريّة والّتي تضمن الحريّة السياسيّة والدينية والثقافيّة والفكريّة في مواجهة النزاعات وبناء مجتمعات سليمة شاملة. وقد تركّز نقاش اللّقاء حول ثلاثة محاور رئيسيّة في سياق منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا: الأجندات السياسيّة، حقوق الأفراد والجماعات الدينيّة وغير الدينيّة وإدارة التنوّع، قوانين الأحوال الشخصيّة والمساواة الجندريّة، مُتضمناً ورشات عملٍ وعروضِ أوراق بحثية ونقديّة. فقد عمِل المُشاركات والمشاركون من اختصاصيّات واختصاصيّين في علم اللاهوت والعلوم الإنسانيّة والسيّاسة والقانون ونشطاء في شؤون سياسيّة واجتماعيّة وقانونيّة شتّى أتوا من المَشرق العربيّ ومصر والخليج والمغرب العربيّ وأوروبّا على مسوّدة نصٍّ هو بمنزلة ردٍّ من منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا على إشكاليّة حرّيّة الدّين والمعتقد، على أن يَصدر النَّصّ النهائيّ في منتصف شهر كانون الأول. وقد شدّدت هذه المسوّدة على أنّ هذه الحرّيّة يجب مقاربتها بوصفها جزءاً لا يتجزّأ من مفهوم الحرّيّة كحقّ إنسانيّ عامّ، علماً بأنّ هذا الحقّ يعبّر عن ذاته في مجالات شتّى، غير أنّه لا يتجزّأ ولا يمكن اختزاله بجانب واحد دون سواه. ومن جهة ثانية، أكّدَ المشاركات والمشاركون أنّ الدين بالذهنية الطائفيّة المُستعملة في بلادنا ما زال يفرّق في ظلّ غياب العدالة في قوانين الأحوال الشخصيّة التي تحكمها المؤسسات الدينيّة على اختلاف طوائفها. هذا إضافة إلى انتهاكات لحقوق الإنسان ونقص في المساواة بين الأفراد والفئات المجتمعيّة، والعدالة بين الجنسين. نحن لسنا بحاجة لحرية دينيّة في الإيمان بل نحتاج إلى حرية دينية للجماعات غير الدينيّة ليكونوا أحراراً من السّلطات والمؤسسات التي تتحكّم بالدّين، وفصل الدّين عن الدولة والسياسة.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|