نقلتها إلى العربيّة ماريـــــَّا قباره
Translated by: Maria Kabara هذا النصّ تحية مدير أكاديمية الدراسات اللاهوتي~ة في ﭬولوس- بانديليس كالايتزيذيس- في الجلسة الافتتاحيّة للمؤتمر الدّولي الثاني لـ IOTA (الرّابطة اللاهوتيّة الأرثوذكسيّة الدّوليّة) حول "الرسالة والكنيسة الأرثوذكسيّة" الّذي استضافته أكاديميّة ﭬولوس للدراسات اللاهوتيّة في 11-15 كانون الثّاني 2023. باندِيليس كالايتزيذيس: دكتوراه، مدير أكاديميّة ﭬولوس للدراسات اللاهوتيّة، باحث مشارك في جامعتيّ KU Leuven و Münsterوعضو اللجنة التنفيذيّة للأكاديميّة الأوروبيّة للدّين. ------------------------------------------------------------------------------------ الرسالة و "جسد" العالم بالنّيابة عن أكاديميّة الدّراسات اللاهوتيّة في ﭬولوس أُعربُ لكم عن بالغ سروري اليوم بالترحيب بالمؤتمر الكبير الثّاني للرّابطة الأرثوذكسيّة اللاهوتيّة العالميّة (IOTA) حول موضوع : "الرسالة والكنيسة الأرثوذكسيّة". نتشرّف بشكلٍ خاص بتجمّع العديد من الأساقفة والاِكليريكيين والرهبان/ات واللاهوتيين/ات والباحثين/ات من كلّ أنحاء العالم. نرحب بكم في مدينة ﭬولوس في أبرشية ديميترياذوس، وفي أكاديمية الدّراسات اللاهوتيّة، ونتمنّى لكم إقامة طيبة في بلدتنا. كما هو معروف اليوم في جميع أنحاء العالم، أنّ أكاديميّة ﭬولوس المرتبطة بكنيسة ديميترياذوس المحليّة تهتّم وتركّز على مواضيع معاصرة للأرثوذكسيّة. وتهتّم الأكاديميّة منذ عام 2014 بوضع مركز أبحاث معترف به من قبل الحكومة، يعمل بمثابة ورشة عمل مفتوحة على فكر الكنيسة وحوارها مع المثقفين/ات والمجتمع، وتنظّم دورات دراسيّة موضوعيّة سنويّة، وندوات دوليّة، ومؤتمرات ومنشورات دورية. وتتعاون لتحقيق هذه الغاية مع مختلف الهيئات الاجتماعيّة والأكاديميّة والعلميّة والمنظمات المَسكونية والدّينية، ودور النّشر والمجلات العلميّة. ويناقشون معاً مشاكل وتحديّات عصرنا بروح الاحترام لكلّ آخر. ونتيجة هذا النّشاط العلميّ أصبحت أبرشية ديميترياذوس ومدينة ﭬولوس ملقى للقاء والحوار العالميّ. يُشارك في هذا اللقاء الرفيع المستوى لرابطة اللاهوتيين/ات الأرثوذكس أكثر من 400 مشارك/ة، وهو اللّقاء الأهم على مستوى العالم وقضيته الأساسيّة "الرسالة والكنيسة الأرثوذكسيّة". سوف يتطرّق المؤتمر إلى مواضيع عديدة منها: إعادة اكتشاف الرسالة أو الرسالة والوعي الذّاتي للكنيسة. وهناك أيضاً مواضيع متنوعة متعلّقة، من جهة، بالانضباط التقليديّ للعلوم اللاهوتيّة (الكتابيّة والدّراسات الآبائيّة، التاريخ والكنيسة، الليتورجيّة، العقائديّة، التربية المسيحيّة، ...الخ). ومن جهة أُخرى، بمعالجة القضايا الحديثة الناشئة مثل: اللاهوت والأدب، الأرثوذكسيّة في الفضاء العام، اللاهوت السياسيّ، مكانة المرأة في الكنيسة الأرثوذكسيّة، العلاقة بين الأرثوذكسيّة والحداثة، الأرثوذكسيّة وحقوق الإنسان، الكنيسة والإثنيّة، الحوار المسكونيّ بين الأديان، ... الخ. ومع ذلك، فإنَّ أيَّ نقاش حول رسالة الكنيسة وشهادتها في العالم يقودنا حتماً إلى عقيدة التجسّد؛ منتهى الأهمية اللاهوتيّة، ونتائجها على حياة الكنيسة وحياة العالم في ميدان واسع. فكما أنَّ الكنيسة ليست من هذا العالم، كذلك، أيضاً ، يهدف اللّاهوت إلى صياغة تجربة خاريزماتيّة شخصيّة باعتباره الصّوت النبويّ، وتعبير الوعي الذاتيّ للكنيسة. ومثلما تعيش الكنيسة وتتحرّك في العالم، هكذا يسعى اللّاهوت إلى الحوار والتّواصل مع كلِّ حاضرٍ تاريخيّ مستعيراً الخطاب والكيان والرموز لكلّ حقبة معينّة وحاضر تاريخيّ. لم يستنفد اللّاهوت ولا تمَّ تحديده بالتاريخ، لكنّه لا يمكن أن يعمل في غياب التّاريخ. من دون هذا الإجراء غير المُربك، وتوظيف العالم والتّاريخ، ومن دون حركة الحوار والمسيرة والشّهادة للعالم لا توجد كنيسة ولا لاهوت ولا استعلان وحي الله. لأنَّ وحي الله حدث في التّاريخ والعالم دائم، وليس في عالم خالد- لا تاريخ له أو زمن- أو في كون غريب. كما يشير اللذّاهوتي الراحل بانايوتيس نيلاس، مؤسس مجلة سيناكس: "من غير الممكن اليوم أن نحصلَ على استعلان وحيّ حقيقيّ عن الله من دون أن نستخدم الحقائق الاجتماعيّة والثقافيّة والعلميّة وغيرها من الحقائق كمواد استعلانيّة- ايحائية. ومن غير الممكن على الله أن يحرّك الإنسان دون أن يمسّ كيانه التاريخيّ الملموس. فلا يمكن للإنسان أن يخلصَ دون أن يغيّر حياته. لتوسيع هذه النقطة نوّد أن نضيف أنّه لا يوجد لاهوت للرسالة إن لم يتمّ اختياره مع الواقع الاجتماعيّ الواسع وتعابيره الثقافيّة، أيّ الّذي لا يأخذ " جسد" زمانه. هكذا ،أيضاً، لا يُفهم أن تكون الكنيسة انطوائية، منغلقة على نفسها، لا تنفتح على العالم والتّاريخ، ولا تقوم بحركة الخروج من تلقاء ذاتها للقاء العالم وتبشيره وتغييره. وهنا يبرز السّؤال الإشكاليّ: نحو من تَنوي الكنيسة أن تخاطب برسالتها وشهادتها في العالم ؟ ما هو طاقم الكنيسة المُحتمل ؟ هل هي، كما يُشاع، الدائرة المغلقة للأتقياء والفاضلين، أولئك الذين يتبعون ممارسات التّقشف والصّوم بحرفيّة، أم أولئك الّذين يذهبون بانتظامٍ إلى الكنيسة؟ في معالجة سؤال مماثل، لكن في ظلّ ظروف مختلفة، أعربَ الميتروبوليت الراحل ميليتون، ميتروبوليت خلقيدونية للبطريركية المسكونية في عام 1982 عن الموقف التّالي خلال المؤتمر الأرثوذكسيّ الثّاني قبل السينودس في شامبيزي- جنيف: "إذا كنت أودّ أن أعبّر عن رأيّ رعائيّ شخصيّ، سأقترح حل مؤتمر عموم الأرثوذكس لنعود إلى رعايانا ونطلب من الشّعب التّصويت لمعرفة موقفه [...]، لكن ليس شريحة من الشّعب، بل الشّعب بمجمله، فهُم الطّاقم الفعليّ". "ليس الشّريحة الممدوحة من النّاس التّي ترافق خطوات الأُسقف [...]. أفكّر في ذلك الجزء من النّاس الّذين لا يسهرون إلى وقت متأخر في الكنائس، لكن في متاجر التّسجيلات، الّذين لا يحضرون إلى قداديس الآحاد أو الاحتفالات الكنسيّة، بل الّذي يقف في ساحة القرية أو المدينة حاملاً غيتاره في يده، أو يشارك في رحلة بحرية أو جبليّة ويحاكي الله في تحليل نفسي أخير لعقله الباطنيّ. رسالة مناسبة تماماً للارثوذكسيّة: لا يتمّ تحديد شيء من العرش والسّلطة دون مراعاة إرادة وضمير الطّاقم. قد يُصاب البعض، أو حتّى الكثيرون بالصدمة لهول هذا البيان الجريء والفاضح. لكنّ المطران ميليتون تحدّى مفاهيمنا النمطيّة عن الرسالة والشّهادة وطاقم الكنيسة. ومع ذلك، فهذه مسائل ضخمة لا يمكننا معالجتها في سياق كلمةٍ انفتتاحية، ولكن من المتوقع مناقشتها في الأيام المقبلة خلال جلسات المؤتمر. أتمنى للجميع إقامة طيبة في بلدتنا وفي مدينة ﭬولوس الجميلة، ولتبادل المناقشات المثمرة، أيضاً ، خلال هذا المؤتمر اللاهوتيّ الأرثوكسيّ الهام.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|