الاعلامي ميلاد موسى لا يختلف إثنان من داخل البيت الكنسي الإيماني بأن الزواج المدني في نظر الكنيسة ورجال الدين يعتبر خطيئة ، وتهميشاً لعملهم وعمل الإله، فالزواج في الكنيسة هو أحد الأسرارالمقدسة ، بينما تنظر الاخيرة إلى الزواج المدني على أنه عقد إجتماعي لا علاقة له لا بالأسرار المقدسة ولا بالله ولا "بالروح القدس" لسنا هنا بصدد الدفاع عن الأسرار المقدسة او تفنيد عمل رجال الدين ، ولا حتى الدفاع عن الزواج المدني ومُريديه إنما أردنا معايشة الحدث والدخول في تفاصيل حياته دون الحكم المسبق .... أي إرتباط بين رجل وامراة يؤدي إلى تكوين أُسرة، مَمَرهُ الوحيد ( اذا ما قاده الوعي ) هو الحب .. فالحب يقرب المسافات ويلغي الاختلافات وأراد القديس أغوسطينوس من قديم الزمان إيصال رسالة مفادها بأن الحب هو خروج من صدفةِ الذات، هو بالضرورة انفتاح على الآخر، هدم لجدران الأنانية، إعطاء الغيرية قيمتها. وهو نفسه يفرق بين طرفين من الحب: الحب الأول هو الحب السطحي الذي يدور في حلقة مفرغة، ولا غاية له إلا نفسه، أما الحب الثاني فغايتهُ التعلق بالغير، وهو بهذه الصفة خروج من فلك النفس الضيقة وعقد صلة بالآخر. لن نبحر هنا في ماهيةِ الزواج المدني وبنيانه وسنفترض بأن العلاقة في الزواج الكنسي والمدني، مبنية على صخرة الحب . "الكنيسة"تريد تكليل هذه العلاقة من خلال يسوع المسيح ، أو بوجود الرابط الإلهي والسر المقدس ، الامر الذي لايعني كثيرا الراغبين في الزواج المدني ، وهنا نقف على مفترق طرق .. فاذا ما افترضنا بأن الكنيسة ايضا تحمل لواء التبشير بالحب ، وقبول الآخر وهي كذلك وفي الطرف المقابل من يرغب في عيش حياته بحب ولكن من دون سلطة الكنيسة ( كما يدعون ) .. فلماذا نجد أحيانا هجوماً من بعض رجال الكنيسة على الزواج المدني وعلى ثمرة هذا الزواج حيث لفتني قول البعض عنهم ووصفهم بأنهم ابناء ( زنى ).. فما هي الصورة التي يقدمها بعض المتحدثين بلسان الروح القدس أو المتعصب لدينهِ حين يصف الآخر بعبارة قاسية أو حين يدين الآخر الذي لا يشبههُ، أليسَ هذا عدم قبول للآخر وتعصب أعمى !!!!؟؟؟. فمثل هذه التصريحات الهجومية التعصبية هي السِّمُ الداخلي او السوس الذي ينخرُفي جسم الكنيسة ، فما هو المثال المقدم لشبيبتنا التي تشاهد وتراقب .. بولس الرسول كان في إنفتاحه على الاخر بالحق ، سيفٌ ومنارة ، لم يقدم أي تنازلات ولكن إنفتح بقلبهِ وصدرهِ وفكرهِ على كل الأمم هو نفسهُ من هاجم صخرةَ الكنيسة (بطرس )حينَ أرادَ التمسك بالشريعة ، حيثُ لم يكن يجرأ بطرس الرسول أن يجلس مع المسيحيين من أصل وثني خوفا ًمن المسيحين من اصل يهودي ، واليوم نرى في عالمنا ومحيطنا من يرفعون هذا الشعار وينشرون الانغلاق على الذات والخوف من الآخر ، بحجة الحفاظ على الإيمان القويم وتعاليم الآباء ، ولكنهم بالفعل يغرقون في التعصب حيث يُكفرون الآخر بمجرد الإختلاف بالرأي أو حتى جلوسهم مع اآاخر المختلف، محبة هؤلاء مكبلة ، عمياء، شمطاء، كسولة ، متقوقعة ، لاتقبل النقد أو الرأي الآخر . يسوع المعلم والفادي ذهب للحد الأقصى في قبول كل ما هو مختلف وغريب ، لم ننسى المرأة السامرية ومتى وزكا والمجدلية والأبرص ، وحتى من صَلَبهُ ، كان له حصة في حب وقلب يسوع . أحترم قانون الكنيسة وأعلم وأنا المتطلعُ بشكل بسيط على قانونها وطريقة إستمراريتها ، بأن الإلتزام بالقواعد والثوابت مطلوب للإستمرار في المؤسسة الدنيوية للكنيسة ، ولكن الحوار مع الأخر المختلف ، يتطلب درجة قبول كبيرة ، وعدم الهجوم وتقليل التصريحات الغريبة من البعضِ القليل ، ويتطلب ايضاً التعامل مع الإعلام الحديث بحذرٍ شديدٍ ، فإذا ما أرادت الكنيسة أن تواكب العصر ، وتكسب الشبيبة التي هي المستقبل الى جانبها ، فيجب أن تكتسب أدوات هذا الجيل وتعلم بأن الحرفَ يقتل والحوارَ بحبٍ يبني ... ملاحظة: خَرجت هذه المقال من رحمِ مقابلةٍ شاهدها كاتب هذه السطور على إحدى القنوات ، كان فيها رجل دين مسيحي يهاجم زوجين من النوع المدني، بقسوة شديدة ، واصفاً أبنائهم بأولاد (زنى)، مُعللاً ذلك بأن القانون الكنسي لايسمح بالزواج خارج الكنيسة .. لانريد هنا إختصار كل تاريخ الكنيسة وعملها بلقاء تلفزيوني مدتهُ لاتتجاوز ال60 دقيقة ، ولكن يجب وضع الأمور في نِصابها ، وإستغلال المواهب والوزنات بشكل صحيح .. فليس كل عالم يعلم كيف يقدم المعلومة بطريقة صحيحة ، ولا كل من زادَ البخور في حُجرته جلس في حضن الاب ، فالمواهب متعددة ، والحصاد وفير .. وايضا يجب على الرؤوساء والمُتَنَفذين في الكنيسة وضع ضوابط واضحة على كل من أراد التحدث بلسان الكنيسة والروح القدس .. ومن لهُ أُذنان للسماعِ فليسمع.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|