ميلاد موسى
يروق لبعض الذين أعرفهم وأجالسهم وأسامرهم وأحادثهم وأناقشهم أن يطلقوا صفات على الآخرين أو ينسبوا صفات لأنفسهم . هذا صالح هذا كاذب هذا غشاش هذا لعيب هذا يستحق النار ( إن وجدت ) هذا للجنّة ( إن وجدت ) مع حجز مسبق وذاك وتلك واولئك .... الخ وأحياناً بل بأوقات كثيرة يكتفي البعض بممارسة لعبة القداسة المشروطة ، التي تبقى قداسة حتى توزيع الحصص والجوائز، والتي يجب أن يحصلوا على غالبيتها كونهم صالحين طالحين غارقين في روحهم الالهي . لاحظت مؤخراً أن كل ما تقدم ينقسم لقسمين: 1- قسم لامبالي ...سعيد قد يكون صاحب ( شلوة ) أي يتكلم بظرافة على الآخرين ، لا يوزع الأمتار في الجنة والنار، قد يكون هنا وهناك أو قد يكون جيد ( بحسب المقياس الاجتماعي ) او سيئ ولكن لسنا بمعرض الحديث عن هذا النوع. 2-- القسم التاني من ادعى الصلاح والقداسة. الأول لا يهمه تقسيم الناس وفرزها بينما الثاني ….يريد ويرغب ويقاتل من أجل مفهوم وجود الجنة والنار …. بنظره هو صاحب الجنة أما المختلف عنه الذي يمارس حياة مختلفة لا يوجد فيها الفريسية وغيرها، يجب بالضرورة أن يكون مصيره جهنم وبئس المصير والحرق والإبعاد والإذلال. هذه الأفكار المتداخلة السفسطائية الملعونة التي تراودني احياناً تأخذنا معاً الى مثال ضربه المعلم الأول ( السيد المسيح ) في انجيله – متى 20 ( عمال الكرم ) مَثَلُ ملكوتِ السَمواتِ كَمَثَلِ ربِّ بيتٍ خَرَجَ عِندَ الفَجرِ ليستأْجِرَ عَمَلَةً لِكَرْمِه . فاتَّفَقَ معَ العَمَلَةِ على دينارٍ في اليومِ وأَرسَلَهُم إلى كَرْمِه . ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ الساعةِ التاسِعَةِ فرأَى عَمَلَةً آخرينَ قائِمينَ في الساحةِ بطَّالينَ . فقالَ لَهُم : " اذهبوا أَنتُم أَيضاً إلى كَرْمي , وسأُعطيكُم ما يحِقُّ لكُم." فذهبوا . وخَرَجَ أَيضاً نحوَ الظُهرِ ثُمَّ نحوَ الثالثةِ بعدَ الظُهرِ , ففَعَلَ مِثلَ ذلِكَ . وخرَجَ نَحوَ الخامِسَةِ بعدَ الظُهرِ , فلقِيَ أُناساً آخرينَ قائميَن هُناك . فقالَ لهُم : " ما لَكُم قائمينَ هَهُنا طَوالَ النهارِ بطَّالينَ ؟ " فقالوا لَـهُ : " لمْ يستأجِرْنا أَحَد ." قالَ لهُم : " اذهبوا أَنتُم أَيضاً إلى كرمي ." ولمَّا جاءَ المساءُ قالَ صاحِبُ الكَرْمِ لِوكيلهِ : " أُدعُ العَمَلَةَ وادفعْ لهُم الأُجرةَ مُبتدِئاً بالآخِرين مُنتَهياً بالأَوَّلين ." فجاءَ أَصحابُ الساعَةِ الخامِسَةِ بعدَ الظُهر وأَخَذَ كُلٌّ مِنهُم ديناراً . ثُمَّ جاءَ الأَوَّلونَ فظنُّوا أَنَّهُم سيأْخُذونَ أَكثَرَ مِنْ هؤلاءِ . فأَخَذَ كُلٌّ مِنهُم أَيضاً ديناراً. وكانوا يأَخذونَهُ ويقولونَ متذمِّرين على ربِّ البيتِ : " هؤلاءِ الذين أَتَوا آخِراً لم يعمَلوا غيرَ ساعةٍ واحِدةٍ , فساويتَهُم بنا نحن الذين احتملْنا عِبءَ النهارِ وحرَّهُ ." فأَجابَ واحِداً مِنهُم : " يا صديقي ما ظَلَمتُكَ. أَلَمْ أَتَّفق معَكَ على دينار ؟ خُذْ مالَكَ وانصرِفْ . فهذا الذي أَتى آخِراً أُريدُ أَنْ أُعطيَهُ مِثلَكَ . أَفما يحِقُّ لي أَنْ أَتصرَّف بمالي كما أَشاء ؟ أَمْ عينُكَ حَسودٌ لأَنِّي كريم ؟ " لاحظتم معي مدى انزعاج الأولون …..كيف لا وهُم من مارسوا وعملوا وتعبوا في حقل الصلاح فيجب ان ينالوا اكثر من غيرهم. آخر العمال لم يفكر حتى في القسمة ولم يفكر هل يتساوى أجره مع الذي قبله ... أخذ بفرح ومضى ..... . مثل يسوع هذا فيه الكثير من الغل والكثير من الصور الحياتية التي نعيشها اليوم . يقول دستويفسكي " اذا لم يكن الله موجود فكل شيء مسموح " صورة عن الإله الشرطي ... صورة عن ما نريد أن يكونه الله أن يعاقب ويعطي المكافآت... ويرضى ولا يرضى ... صورة طفولية عن علاقة الانسان بالإله ...... فالشريعة والقوانين ضرورة لمرحلة معينة .... فعند النضج .... يتحرك البالغ بحرية كبيرة ويتسامى عما تقدم من يصر على وجود الجنة وجهنم؟ إنه مدعي الصلاح فالصالح حقاً... والقديس حقاً.... يتمتع بحرية ... حرية الروح القدس التي تقول على لسان استفيانس لا تحسب عليهم هذه الخطيئة. هي كمريم اخت لعازر التي ارتضت بالنصيب الصالح وأهملت كل ما تبقى.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|