Maria Kabara
لقد باتَ العالم قرية صغيرة في ظلّ التّحولات السّريعة لوسائل الاتصال والثّورة المعلوماتيّة، وبدأ تأثير هذه الثّورة الرقمية يتضّح في كافة أنشطة الحياة الإنسانيّة. وفي ظلّ هذا التسارع في العصر الرقمي وزمن الصّورة الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي وبرنامج "شات جي بي تي" (ChatGPT) والهولوغرام (Hologram)، وغيرها من التّقنيات والابتكارات التّكنولوجيّة. لهذا، حرصت جامعة دار الكلمة في فلسطين على دعوة مجموعة من الخبراء في هذا المجال الرقمي من منطقة جنوب غربي آسيا وشمال إفريقيا لفتح واستكشاف أفقاً لهذه المسألة المهمة في الوقت المناسب وبطريقة علمية، ولمناقشة استخدامات التّحول الرقمي في المشاركة والممارسات الدينيّة ومستقبله على صعيد قطاعات الفنون والمؤسسات التعليميّة والثّقافيّة، وأيضاً، لعرض التّحديات واستخلاص الفرص المُتاحة لدمجها مع تقنية الذّكاء الاصطناعي. هذا ما نوّه إليه القس البروفيسور متري الراهب مؤسس ورئيس جامعة دار الكلمة بقوله: "ستجلب الثّورة الرقميّة التّي نمرّ بها فرصاً لا نهاية لها ولكن، أيضاً، تحديات هائلة وسوف تُحدث ثورة في عملنا ودراستنا وكيفية ارتباطنا بأنفسنا والآخرين". ومن جهة د. باميلا شرابية مديرة برنامج اللّقاء التّشاوري ذكرت: " أنه تمّ دعوة المشاركين لمناقشة أسئلة عديدة منها: ما هي الآثار الأخلاقية والأيديولوجية والأنطولوجية للحياة الرقمية للأفراد والمجتمعات؟ وما هي الطّرق التّي يتحول بها المَشهد الثّقافي المعاصر نحو الرقميّة في جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا؟ وماذا عن الأمن السيبراني والقوانين والسّياسات الحكومية، مثل تلك المُتعلقة بالسّياسات التّنظيمية لإنترنت الاشياء في قطاع التّعليم العام؟". هذا اللّقاء عُقد في لارنكا من أعمال قبرص في 9-10 حزيران حول "الدّين والثّقافة والتّعليم العالي والتّحول الرقمي لجنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا: التّحديات والفرص"، والّذي نظّمته جامعة دار الكلمة والمنتدى الأكاديمي المسيحي للمواطنة في العالم العربي (CAFCAW) . أكدَّ المشاركون والمشاركات على أهمية التّحول الرقمي عبر تفاصيل الحياة الإنسانيّة من ثقافة، دين، تعليم، صحّة، قانون، فنون …الخ. وتمّ تبادل الأفكار حول كيفية الاستفادة من هذا التّحول الرقمي سريع التّطور لتعزيز إمكانية التّغيير الإجتماعي في منطقة جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا وخارجها. شارك في هذا اللقاء التّشاوري أكثر من 36 أكاديمياً وفناناً وخبيراً من مختلف دول جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا ومنها فلسطين وسوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر وعمان والمغرب، بالإضافة إلى حِفنة من المشاركين والمشاركات من الشّتات في أوربا من اختصاصات عديدة في اللّاهوت والسّياسة والقانون والعلوم الإنسانيّة والاجتماعية. وقد تضَّمن اللّقاء ورشات عمل وعروض أوراق أكاديميّة بحثيّة ونقدية، وجلسات حوار أكاديميّة والّتي شملت مداخلات قصيرة ونقاشات في العمق وجلسات تمهيدية وعامة وختاميّة. حيث تمّ التّركيز خلال اللقاء على مناقشة ثلاثة محاور: المحور الأول كان حول الدّين والتّحول الرقمي، والمحور الثاّني ركّز على الثّقافة والتّحول الرقمي، أمّا المحور الثّالث فناقشَ موضوع التّعليم العالي والتّحول الرقمي. اللّقاء التّشاوري في لارنكا هو، ولا شكّ، ثورة فكرية غامرة ومناسبة للتبادل الثّقافي والعلمي، وأيضاً، لطرح أسئلة ملحّة أخرى، لاستنباط مواطن الضّعف والمخاطر، في ظلّ هذه الثّورة الرقمية، الّتي علينا استشرافها وفهمها لخدمة الإنسان ومصيره وكرامته.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|