مارسيل فؤاد
([email protected]) التفسير 1 : هربرت لوكير في كتاب كل نساء الكتاب المقدس ص81 حيث قال "ويشعر بعض الكتّاب أنه حيث أن لفيدوت كان زوجاً لامرأة شهيرة، فقد كان خاضعًا لزوجته أو أن دبورة صاحبة القرار ...ولو لم تتلق محبة وعطفا ونصيحة زوج، وكان سعيداً راضياً بالحصول على المركز الثاني". ثمّ أشار إلى تفسير"وارتون" في كتابه "نساء شهيرات" حيث قال "إنّ زوج دبورة لفيدوت ضعيف الشخصيّة متزوج من امرأة قوية الإرادة وقوية البنيان". الاعتراض: إنّ هذا التفسير يشير إلى أنّ نجاح أيّ امرأة هو نتيجة ضعف شخصيّة الرجل فيضع في داخل كلّ رجل مقاومة لنجاح المرأة التي في حياته على اعتبار أنّ نجاحها دليل فشله، كما أنه ترسيخ لفكرة الديكتاتورية بدلاً من التكامل. يجب أن نؤكّد أن القرار الصواب والذي ينفع الصالح العام هو الذى يجب أن نأخذ به بغض النظر عن قائله. وأنا اختلف مع النفسير أعلاه، فالحقيقة أنّ لفيدوت في المركز الأوّل لأننا نحتاج أن نتعلم منه أكثر ما هو صعب التنفيذ، ألا وهو احترام عمل الله في زوجاتنا اللواتي عادة ما ننظر إليهنّ نظرة دونيّة مظلمة، نظرة التسخير والاستغلال، نظرة مصدرها الشيطان الذي يُظهرهنّ من خلال المجتمع وكأنّ الله لا يعمل بواسطتهنّ وفيهنّ ومن خلالهنّ، ولكأنّهنّ مجرّد متعة للرجل. التفسير2: استخدام الله للمرأة في خدمةٍ جهارية هو استثناء، فحسب اعتقاد البعض فإنّ الله يبحث أولًا عن كاهن، وإن لم يجد يبحث عن نبيّ، ثمّ عن ملك، ثمّ عن رجل عامّي، ثم عن امرأة، ثمّ عن طفل، ثمّ عن حيوان. ويعتبر هؤلاء أنّ كلّ استخدام مميز للمرأة عبر تاريخ الوحي ما هو إلّا استثناء لعدم وجود رجال. الأعتراض :هذا الفكر به إهانة لله لأنه يعتبر الله عاجزًا ومضطرًا أن يخاطب الناس بواسطة المرأة، فهل النساء غير قادرات على إدراك القصد الإلهي وإعلانه للأخرين؟! كيف تكون مريم أخت موسى ودبورة وإستير وخلده وفيبي وغيرهنّ مجرّد استثناءات؟ القضاء والنبوّة هما خدمة جهاريّة فلماذا لم يستخدم الوحي زوج دبورة الرائع؟ ألّا يوجد في كلّ جيلها رجال أتقياء ليقوموا بهذا الدور؟! الحقيقة أني أرى أنّ النبيّة والقاضية دبورة ليست استثناء كما يدّعي البعض الجامد المتحجّر الذي يريد أن يقصي مُشاركة المرأة ولا يترك لها سوى "مهمّة" الجلوس على الكراسي، إشباعًا لوهم التميّز والسيطرة الذكوريّة. أجد في دبورة تحدّي الله للفكر الذكوريّ المريض، وتطبيقٍ لفكر الله السويّ الذي يتعامل مع الإنسان بنظرة عميقة عادلة. وبالتأكيد، فإنّ ما ينسف هذا التفسير هذا هو استخدام الله لخَلدة النبيّة بالرغم من وجود أنبياء عظماء مثل إرميا "الَّذِي كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِ فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا" (أر 1: 2)، وصفنيا "كَلِمَةُ الرَّبِّ الَّتِي صَارَتْ إِلَى صَفَنْيَا.. فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا" (صف 1: 1)، وناحوم والذين كانوا معاصرين للملك يوشيا أيضًا "فَذَهَبَ حِلْقِيَّا الْكَاهِنُ.. إِلَى خَلْدَةَ النَّبِيَّةِ..." (2مل 22: 14) التي اختار الربّ أن يُرسل كلمته من خلال امرأة "فَقَالَتْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: قُولُوا لِلرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَكُمْ إِلَيَّ" (2مل22: 15). إذًا، الله يستخدم المرأة في وجود رجال عظماء والدليل استخدام الربّ لخلدة النبية أثناء وجود أنبياء عظماء كإرميا وصفنيا وناحوم. إنّ الكتاب المقدّس ينفي فكرة الأدوار لأنّ الله يستطيع أن يفعل أيّ شيء بأيّ شخص كما سجل الوحي على فم يوناثان لحامل سلاحه "لأَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّبِّ مَانِعٌ عَنْ أَنْ يُخَلِّصَ بِالْكَثِيرِ أَوْ بِالْقَلِيلِ" (1 صم ١٤: ٦). فالله كان يتعمّد استخدام الضعفاء من وجهة نظر المجتمع، حتّى يعود المجد له، فاختار الملك داود وهو صغير السنّ النبي وفضّله عمّن هم أكبر منه، وقال على لسان صموئيل عن الأكبر أليآب "لا تنظر الى منظره وطول قامته لأني قد رفضته. لأنه ليس كما ينظر الإنسان. لان الإنسان ينظر الى العينين، وأما الرب فانه ينظر الى القلب" (1 صم ١٦: ٧). ومن الملاحظ أنّ خَلدة كانت فقيرة، وكانت متزوجة من رجل حفيد لرجل حارث ثياب (حرحس). أصبحت خَلدة نبيّه بدون وساطة لها من الأنبياء. فالله يستخدم كلّ شخص بموهبته التي ميّزه بها ليخدم من خلالها جماعة الربّ، وهو ما حدث مع مريم أخت موسى التي كانت قائدة للشعب في التسبيح رغم وجود قادة آخرين مثل موسى وهارون. وردًا على ادّعاء أنّها كانت قائدة للنساء فقط مذكّر بالآية القائلة "إِنِّي أَصْعَدْتُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَفَكَكْتُكَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، وَأَرْسَلْتُ أَمَامَكَ مُوسَى وَهارُونَ وَمَرْيَمَ" (مي6: 4)؛ أيّ أنّ مريم كانت من قادة الشعب رجالًا ونساء مع موسى وهارون. علينا كمؤمنين أن نحترم المنطق حتّى نصل للحقّ، ولو تحطمت تحت أقدمنا ألف عقيدة بالية.
0 Comments
Your comment will be posted after it is approved.
Leave a Reply. |
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|