١٥ أيلول/سبتمبر ٢٠٢٠ خريستو المرّ عادة ما ينسى الإنسان الموت ويتناساه. أمّا في حالتنا في هذه البلاد فنكاد نصبح أصدقاء للموت. في معظم سنوات عمرنا، كان رفيق قهوة الصباح ونشرة أخبار المساء، وصفحات ما بقي من جرائد. يتنزّه في بلادنا كيفما يشاء، ويمدّه سياسيّونا ورجال أدياننا بالعون دون تردّد. ولكنّنا نتكلّم عن الموت وكأنّه شيء خارجيّ، والواقع أنّ الموت داخليّ فينا، يبدأ بالنموّ في أجسادنا منذ لحظة ولادتنا؛ ننمو وينمو هو فينا. ولهذا كان نسيانه مشكلةً، ليس لأنّنا يجب أن نهجس بالموت، ولكن لأنّ من لم يعط معنى لموته لم يستطع أن يعطي معنى لحياته، ولم يستطع أن يحيا حرًّا لأنّنا لا نستعبد أنفسنا لآخرٍ إلاّ خوفًا من الموت. الحرّة والحرّ هما اللذان لحياتهما معنى أوسع من مجرّد البقاء على قيد الحياة، هما اللذان يريدان أن تتأجّج فيهما الحياة، ولهذا يرفضا أن يستعبدهما أحد ويتمسّكان بالمعنى وباشتعال الحياة فيهما حتّى ولو أدّى ذلك - في مفارقة ظاهريّة - إلى كلّ أنواع الموت: الوحدة، النبذ، تشويه الصيت، وحتّى القتل. وكلّ موت كهذا هو شهادة. كلّنا سنموت، السؤال المهمّ هو أيّ معنى سيكون لموتنا، أي بعبارة أخرى أيُّ معنى سيكون لحياتنا؟ كثيرون ماتوا في حروب أهليّة وقيل أنّهم ماتوا مجانًا: ماتوا من رصاصة طائشة، أو قذيفة بينما كانوا نياما، أو ذاهبين إلى العمل أو لشراء ربطة خبز. في الظاهر لا يبدو لموت هؤلاء الناس من معنى، فهم لم يحاربوا في جبهة دفاعًا عن أهلهم، ولا ماتوا نتيجة رأيهم السياسيّ. ولكن في العمق، من يعلم؟ ربّما قضى أحدهم حياته ساعيا لحماية حياة عائلته أو دفاعا عن حقّ أو احتجاجًا على الظلم، فإن كان الأمر كذلك فهناك معنى لموته بالنسبة له هو، هو الذي استشهد أثناء ممارسة حبّه اليوميّ. حياة إنسان كهذا مليئةٌ بالمعنى إن كان هو يرى أنّ أفعاله اليوميّة كانت تعبير حبّ، أنّه كان فيها يتواصل مع آخرين، ومع الطبيعة، ومع الله عند من يؤمن. عندها الحبّ هو المعنى. وهل من معنى أعلى، بل آخر، على هذه الأرض؟ المؤمنون بالله يمكنهم أن يروا بالموت عبورًا إلى واقع آخر، فهم يؤمنون أنّ محبّة الله ستمتدّ أمامهم جسرًا فوق فوّهة العدم لئلاّ يعودوا إلى العدم الذي منه خرجوا، يؤمنون بأنّ محبّة الله سترتمي إليهم كما ترمي أمٌّ بنفسها إذا وقع أحد أولادها كي لا يؤذى أو يعود إلى رحم الأرض التي منها الجميع، تريد لرحم الحبّ، رحمها، أن ينتصر على رحم الأرض، تريد أن ينتصر الحبّ على التراب. هكذا الله، كالأمّ، يرتمي إلينا بعد موتنا كي لا نعود إلى العدم، كي تنتصر رحمة حبّه على العدم. في كلّ ولادة تنتصر المحبّة الإلهيّة على العدم الذي منه نخرج، وفي كلّ لحظة تنتصر على العدم كي نبقى موجودين، وبعد الموت تنتصر على العدم لنحيا للأبد. إنّ محبّة الله تُنهي عدمنا يوم نولد. أمّا بالنسبة لمن لا يؤمن بالله، فيمكنه أن يقول: لست أدري عمّا تتحدّث ولكن أعلم أنّ المحبّة فيّ تناديني أن أحياها لأحيا. ظنّي أنّ ذلك يجعل القائل في قلب الله. قد يكون البشر قد اخترعوا الله، وقد يكونوا لم يخترعوه كما يؤمن كاتب هذه السطور، يبقى أنّ الإنسان مدفوعٌ على إعطاء معنى لحياته هو بالذات، ولا معنى أهمّ من أن يحيا الإنسان ذاته دون تزوير، لكي تغدو حياةً متأجّجةً، وشرط هذا أن يحيا في فرادته، ويرفض أن يكون كما شاء آخر له أن يكون. أن يكون الإنسان ذاته هو أن يحقّق كلّ ما يقول فيه أنا، ويحقّق كلّ ما يقول فيه نحن. عندها يكون نفسه ويكون مُحِبًّا، وهذا تحقيق للشخص الإنسانيّ صورة الشخص الإلهيّ: أقنوم محبّة يجمع فرادته التامّة في الوحدة التامّة مع آخرين. هذه المحبّة هي نبع الحياة التي تبتلع كلّ عدم، وتكسر شوكة كلّ موت.
0 Comments
خريستو المرّ
------------------------ من لم يُجرِّبِ الحربَ كضحيّة لا يعرف الحرب. الأخبار تتواتر عن عطش ضارب في أجساد أهل الحسكة في سوريا. يتحارب الأعداء بالناس، وباسم ألف شعار يقتلون. العطشُ غدا سلاحًا، كما كان التجويع سلاحًا. وكالعادة، النكرانُ هو السيّدُ، والكذب الإعلاميّ هو الوسيلة. ما يثير الحزن أيضًا هو الصرخة التي نسمعها حين يكون الضحايا أناسًا سقطوا نتيجة جريمة ارتكبها فريق الأعداء، والصمت أو التبرير الذي نسمعه أيضا عندما يكون الضحايا سقطوا نتيجة جريمة ارتكبها فريق الذات. إهتمامي اليوم بالإنسان المخلص ليسوع وبموقفه من الحياة العامّة. تتأثّر رؤية المسيحيّين المخلصين لدور إيمانهم في السياسة بمدى قمعيّة النظام السياسيّ الذي نشأوا في ظلّه؛ فمن نشأ في ظلّ نظامٍ قمعيٍّ يرَ عادة أنَّ إيمانَه يدفعه إلى أن يكتفي بالمساعدات الاجتماعيّة، ومن نشأ في ظلّ نظامٍ أكثر احتمالًا للحرّية له حظّ أوفر بأن يرى أنّه من الضروريِّ أن ينطلق الإنسان من إيمانه ليكون صوتًا وطنيًّا لا طائفيًّا في الأوضاع السياسيّة. قد نختلف في هذا الموضوع، ولكن ما ليس مقبولًا، وما يجب ألّا يختلف عليه المسيحيّون المخلصون هو موقفهم من الضحايا، كلّ الضحايا. لا يوجد في اللاهوت المسيحيّ ضحايا يمكن البكاء عليهم والشعور معهم، وضحايا لا يعنوننا ولا نحسّ بآلامهم وبأوجاعهم، فلطالما ردّد التعليم الدينيّ بأنّ الخطيئة هي عدم الإحساس كما قال القدّيس اسحق السريانيّ يومًا. إن كان من موقفٍ إن خانه الإنسانُ خان مسيحيّته فهو الموقف المتعاضد مع الإنسان البريء المعلّق على الصليب: أكان صليب العطش، أو التجويع، أو الأسلحة العاديّة أو الكيماويّة، أو البراميل، أو القمع، أو الاغتصاب، أو التهجير، أو التعنيف. مهما كانت نوعيّة النظام السياسيّ القائم، يمكن للمسيحيّين أن يبقوا صوت الضمير في وطنهم بالتذكير بأنّ الأبرياء هم أبرياء، بأنّ الأطفال هم أطفال، وبأنّ لا شيء، لا شيء أبدًا، يبرّر قتل الأبرياء، وبنفس الأهمّية لا شيء، لا شيء أبدًا، يبرّر انعدام الإحساس بالأبرياء. حتّى الآن لا القيادات الكنسيّة ولا المسيحيّون كجماعة إيمانيّة تمكّنوا من أن يكونوا هذا الصوت. ماذا سنقول ليسوع؟ **** بعد مئات الضحايا في بيروت، ثلاث ضحايا بريئة سقطوا في منطقة الكورة. جميعهم لكونهم ضحايا بريئة تشبّهوا بيسوع دون أن ينتبه أحد. القتل فاجعة للأحياء. المجرمون المباشرون قد يُقبض عليهم. أمّا المجرمون الرابضون خلف المجرمين المباشرين فهم الذين دمّروا الدولة منذ ما بعد الطائف وحتّى اليوم. كلّ واحد من المسؤولين عن جرائم الأمس واليوم هو بيلاطس يظهر على التلفاز ويغسل يديه بماء الكلام والشعارات، ويقول إنّه بريء من دم هذا الشعب. هم منافقون باعوا أرواحهم، وغدوا أدوات إمّا لشهوتهم للمال وللسلطة، وإمّا لقوى خارجيّة، أو لهذه كلّها معًا. هذا ما يفسّر انعدام إحساسهم بالفقر والجوع والقتل وبتمزّق الهجرة. إنّهم مجبولون بالنفاق، ولكنّهم اختاروا أساسا انعدام الإحساس. **** أين الله من ضحايا العطش؟ من ضحايا الجوع؟ من ضحايا الجرائم؟ أين الله من الأبرياء؟ أين الله من أوجاع الأبرياء ومن أوجاع الأحياء؟ من تأمّل في وجه يسوع بعمق لا بدّ أن يرفض أن ينصاع لصنم وحشيّ يعظون به على المنابر ويدعونه "الله"، صنم يدع الوعّاظُ المسيحيّون الناسَ إلى قبوله لأنّهم [الوعّاظ] نسوا يسوع المسيح ولجأوا إلى كليشّيهات جاهزة. إن قال يسوع المسيح شيئًا واحدًا وبوضوح كلّي، فقد قاله بجسده الموجوع الخائف المرتجف المعلّق على الصليب شاعرًا بأنّه متروك ومرذول خارج مدن الناس وأكاذيبهم ومكائدهم وعباداتهم لأصنام السلطة والأديان. يسوع، كلمة الله، قد صار كلمته الأكثر وضوحًا على الصليب، وقال بذاته المعلّقة على الصليب (ومن خلاله الله قال): أنا والضحايا الأبرياء واحد، وفي كلّ مرّة ترون ضحيّة بريئة اعرفوا أنّي إيّاها وأنّها أنا. أنا الذي يقف إلى جانب الضحيّة، بل أنا المصلوب في داخل أوجاعها. الضحيّة هي في قلبي أنا، عيونها الموجوعة طعنة لقلبي أنا، الضحيّة أختي وأخي أنا، أبي الذي قالني كلمةً قبل الدهور يراها أنا. أنا الضحيّة البريئة والضحيّة البريئة أنا. من خلال وجه يسوع المصلوب نقرأ أنّ الله لا يريد للضحايا البريئة أن تُقتَل، ولا للضحايا البريئة أن تعطش، ولا للضحايا البريئة أن تجوع، ولا أن تُهجّر ولا أن تُنتَهَكَ كرامتها، ولا أن تُعَذَّب. الله لا يريد لكلّ هذا أن يحصل، لكنّ هناك أناس مجرمون والله منذ الخلق أخذ على عاتقه احترام حرّيتنا. فليكفَّ المسيحيّون ورجال الدين عن أن يجعلوا من الله شمّاعة يعلّقون عليها إمّا جرائمهم وجرائم غيرهم، وإمّا إخفاقهم في الدفاع عن الأحياء وعن الحياة. متى نكفُّ عن كسل الإحساس والفكر. متى نكفُّ عن تشويه إله يسوع المسيح، بإلباسه لبوس صنم جامدٍ بعيدٍ صاحب حكمة بلا إحساسٍ؟ متى نكفّ عن وصف الله بأنّه يريد للناس أن يُصلبوا، فندفع بهم إمّا إلى كراهيته أو إلى الخضوع الذليل لصنم يعتقدونه هو. كما تُصلب الأمّ مع آلام أبناءها كلّهم، مصلوبٌ هو على آلامنا. واقف هو إلى جانبنا ولكن دون قهر، ويفعل المستحيل من أجلنا ولكن دون قهر. نلعن أحيانا هذه الحرّية، بلى نلعنها من الوجع، ولكن بدونها نحن لسنا بشرًا. الله محبّة حرّة مصلوبة على الحرّية الإنسانيّة. الله صُلِبَ مع يسوع ولم يصْلِبه، الله مصلوبٌ مع الإنسان وليس صالبًا. لربّما هذا أهمّ ما جاءت به المسيحيّة. خريستو المرّ أنا أستطيع أن أكتب الآن لأنّي لست جائعًا. فعل الكتابة نفسه يعيدني إلى الخبز. لا أشكّ لحظة أنّ الخبز النازل من السماء كلماتٍ، ثمّ جسدًا معلّقًا على الصليب وقائمًا من الموت، هو الخبز الجوهريّ، وأن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. ولكن بالخبز أيضًا يحيا الإنسان. وإن كان خبزي أنا أمرًا مادّيًا بحتًا (مع أنّه ليس كذلك فهو في النفس رمز الحياة) فإنّ كلمة الله الساهر في الكتاب وفي الضمير، يُذكّرني بأنّ خبز الآخر بالنسبة إليّ هو أمرٌ روحيّ، فليس من المصادفة أن يكون الذهبيّ الفم اكتشف أنّ بعد سرّ الشكر هناك سرّ الآخر الذي يكمل سرّ المذبح، أي أنّ العمل من أجل سدّ حاجة الآخر هو متابعة للصلاة؛ فكيف له ألّا يكتشف ذلك وقد قال يسوع عن نفسه إنّه والمهمّشين والمحتاجين واحدٌ؟ المسيح هو هو على المذبح وفي جسد المهمّشين ودمهم، والكنيسة هي هي في يسوع الواحد فوق المذبح وفي المقهورين. من هنا أفهم قول أحدهم يومًا إنّه إن آمن بيسوع فلن يستطيع أن ينام؛ إنّ يسوع ذبحه الظلم وكسره التهميش منذ غرق العالم في العالم، ونسي الحاجة إلى الواحد. للمحللين الجيو-سياسيّين أن يخبروا ما يشاؤون عن حروب الناس على المصالح، وأن يصمتوا عن صراخ الضحايا، أو أن يدافعوا عن حتميّة وقوع ضحايا بريئين في معرض "الدفاع" عن الأمّة. أمّا من ركضوا خلف يسوع فلهم أن يبشّروا بأنّ كلّ وجه هو الكون كلّه، وأنّ الضحايا البريئين هم يسوع نفسه، وأنّه لا يجوز أن يُسَحَق الناس باسم أيّة أمّة وأيّ إيمان وأيّ دفاع عن أيّ صنمٍ بنته مجموعة بشريّة. أمام تبرير صلبِ الأبرياء لا يمكن لمن اتّبعوا يسوع سوى إدانة صلب الأبرياء، ولا يمكنهم إلّا أن يقولوا إنّ موت الأبرياء يدين أيّ انتصار، وأنّ يقولوا إنّ جوع الجائعين يدين حضارة الذين لا يأبهون لجوعهم، ويدين دياناتهم وإيديولوجيّاتهم. إنّ الإدانة لا تكفي، فخبزُ الآخر شأن روحيّ بالنسبة إلى من ترك قلبُه الأشياءَ للأشياءِ وتبع المعلّم. لا يمكن لمن يرى مدى الوحشيّة في النظام اللبنانيّ الذي يكشف عن وجهه البوليسيّ بشكل سافر اليوم، والذي يمعن في تمزيق أجساد الناس ونفوسهم، وفي تشويه الإيمان بأدوات الطائفيّة، وفي تجويع شعب كامل، إلّا أن يقوم بكلّ ما باستطاعته لكي يلتحق بصفوف المناضلين الشرفاء أيًّا كان دينهم وفلسفتهم، في مسيرة نضال لا عنفيّ، من أجل الدفاع عن خبز الآخر، من أجل الدفاع عن هذا العالم كهبةِ حياةٍ موجودة ليتشارك فيها الجميع. خبز الآخر يدفعنا إلى إحقاق الحقّ بواسطة العمل الجماعيّ من أجل إنهاء احتكار الخبز والحرّية، لمناهضة الذين ينهشون لحم هذا العالم ولحم الآخر. مَنْ اتّبع يسوع لا ينام قلبه، بل يحتجّ حتّى آخر رمق ضد الظالمين وأنظمتهم الجحيميّة، ولا يقول إنّ الحقّ والعدالة أمران مُرجآن إلى ما بعد الحياة لأنّه مكتوب أنّ الملكوت حاضر اليوم، وأنّ الله يعتمد علينا لنعمل معه من أجل إرساء الضوء في وجه الآخر وفي العلاقات البشريّة، من أجل إرساء تباشير الملكوت في لحم الآخر شَبعًا مادّيًّا ونفسيًّا وروحيًّا. قال يسوع لا يمكن أن تعبد ربّين الله والمال، ولو جاء اليوم لقال لا يمكنكم أن تعبد ربّين: الله وزعيمكم السياسيّ أو الدينيّ، إن عبدتم الله تنقلبْون عليهما لأنّهما ساهما ويساهمان في تجويع الآخر، وسحقه، ويحوّلان البلاد إلى مربّعِ قمعٍ بوليسيّ. في لبنان على الأقلّ لا يمكنك أن تقول: «لا أستطيع، سأصمت». خبز الآخر ودمه المسفوك في الشوارع وعلى بوّابات المستشفيات، ينادينا. دم الموجوعين يغنّي: «يا كوكب الصُّبح الـمُنير تعال». من يسمعون فليكونوا الجواب، ومن يعطشون فليأتوا معًا إليه، ومن يُريدون فليأخذوا من وجهه في الموجوعين ماء الحياة مجانًا. ومن أراد أن يشرب فليسهر، وليرفض أن يصمت، ولينتزع خبز الآخر من فم الوحش. خبز الآخر ينادينا: هل ننام أم لا ننام؟ كتب أسعد قطّان:
رد لفظ «حرّيّة» (eleutheria) في العهد الجديد في رسائل الرسول بولس خصوصاً. من يبحث هناك عن المفهوم المعاصر للحرّيّة، كما نظّرت له شرعة حقوق الإنسان، لن يجده بسهولة. الحرّيّة بالنسبة إلى بولس هي الحرّيّة من الخطيئة بالدرجة الأولى، وهذه حال وجوديّة تتحقّق بمعموديّة الإنسان الفرد الذي يتغطّس في الماء على صورة موت يسوع المسيح على رجاء القيامة. بهذا المعنى، المسيح هو من يحرّر الإنسان من تسلّط الخطيئة ومن الخضوع إلى قانون الفساد. ونجد صدىً لهذا المقترَب في إنجيل يوحنّا حيث يقول يسوع مشيراً إلى ذاته: «تعرفون الحقّ والحقّ يحرّركم». هذا لا يستتبع أنّ الرسول بولس لا يعرف مفهوماً للحرّيّة في معناها العالميّ، إذا جاز التعبير. فهو يعي، مثلاً، أنّ المجتمع الرومانيّ يختبر ظاهرة العبوديّة يوميّاً. لقد سال حبر كثير في تاريخ الكنيسة ولدى المفسّرين عن موقف بولس من العبوديّة. في الحرب الأهليّة الأميركيّة، استُخدم موقف بولس، الذي لا يدعو صراحةً إلى تحرير العبيد، حجّةً ضدّ إلغاء مؤسّسة العبوديّة. بهذا المقدار يمكن استغلال النصوص الدينيّة وإسقاط مفاهيم عليها تتخطّى محمولها الأصليّ. الرسول بولس كان يعتبر أنّ الخلاص الذي حقّقه يسوع يجعل المراتب المجتمعيّة باهتة، ولا سيّما أنّه، على الأقلّ في بدء بشارته، كان ما زال يحسب أنّ المسيح سيأتي ثانيةً وهو (أي بولس) بعد على قيد الحياة. ومن ثمّ، يستطيع العبيد أن يبقوا عبيداً بانتظار مجيء الربّ، لأنّ موته حرّرهم من الخطيئة. والأسياد يظلّون أسياداً بانتظار مجيء الربّ لأنّه جعلهم عبيداً له عبر تحريرهم من الخطيئة. ويتصاحب هذا كلّه مع دعوته إيّاهم أن يتعاملوا كإخوة بعضهم مع بعض على الرغم من الاختلاف في المكانة الاجتماعيّة: «ومهما يكن من أمر، فليسر كلّ واحد في حياته على ما قسم له الربّ كما كان عليه إذ دعاه الله». ولكن ماذا عن الحرّيّة التي تشير إليها شرعة حقوق الإنسان؟ هل لها أصول في الكتاب المقدّس وفي النصوص الدينيّة بشكل عامّ؟ اقتناعي أنّ هذا السؤال يقتضي جواباً بالإيجاب، على الأقلّ بالنسبة إلى الخطوط الكبرى لمسألة الحرّيّة. النصوص الدينيّة، وهذا ينسحب على التوراة اليهوديّة والكتاب المقدّس المسيحيّ والقرآن الكريم، تشدّد على حرّيّة الإنسان بالنسبة إلى المعتقد الدينيّ. هذا يشير إليه القرآن مثلاً بالآية العميقة الدلالة والأثر: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». ليس كلامي هنا عن الممارسة التاريخيّة. فالواقع التاريخيّ في كلّ دين من الأديان شهد إكراهاً في الدين. ولكن ثمّة نصوصاً دينيّةً محوريّةً ما زالت تخاطب ضميرنا وتذكّرنا بأنّ موقف الأديان الحقيقيّ لا يمكن أن يكون سوى الحرّيّة في اختيار المعتقد الدينيّ، وإلّا تحوّلت حكاية الله مع البشر التي توثّقها النصوص الدينيّة إلى أضحوكة، وتحوّل الله إلى مبدأ توتاليتاريّ. هذه الحرّيّة الدينيّة والمعتقديّة التي ثبّتتها الأديان التوحيديّة نطلق عليها حديثاً لفظ «حرّيّة الضمير»، وهي مكرّسة في شرعة حقوق الإنسان. ولكنّ هذه الشرعة طوّرت هذا المفهوم وبلغت به حدّ القول بحرّيّة الرأي والتعبير عموماً. هذا لا نجد له موازياً مباشراً في الأديان التوحيديّة. ولكنّ هذه الأديان تتّصف بالحدس بأنّ حرّيّة المعتقد الدينيّ لا يسوغ أن تبقى مسألةً باطنيّةً، بل يجب أن تتمتّع بالقدرة على التعبير عن ذاتها. فالمؤمن لا يعبد الله في الخفاء فحسب، بل من حقّه أن يعبده علانيةً أيضاً وعلى مرأى من الجميع إذا هم أحبّوا أن ينظروا. أليس هذا نوعاً من حرّيّة التعبير وإن كان يختصّ بالتعبير الدينيّ؟ نحن هنا، إذاً، أمام موقف دينيّ يمكن أن نبني عليه بالقرينة القياسيّة والمنطقيّة في سائر مجالات الحياة. ماذا عن أشكال الحرّيّة الأخرى؟ من اللافت أنّ الرسول بولس يعرف شكلاً آخر من أشكال الحرّيّة هو أقرب إلى المفهوم المعاصر رغم أنّه لا يلجأ إلى لفظ «الحرّيّة» للإشارة إليه، بل إلى عبارة يمكن ترجمتها بالسلطان على المشيئة الذاتيّة: «ولكن من عزم في قلبه، وكان غير مضطرّ، حائزاً سلطاناً على مشيئته الذاتيّة، وصمّم في قلبه أن يحفظ عذراءه، يفعل حسناً». يبدو أنّ السياق هنا يحيلنا إلى الخطبة بين رجل وفتاة عذراء، وإلى السؤال عمّا إذا كان عليه أن يتزوّجها فوراً أم لا. المهمّ بالنسبة إلى موضوعنا أن الرسول يومئ في هذا النصّ إلى أنّ الإنسان هو سيّد قراره. وهذا هو بالضبط ما يشير إليه حين يكتب أنّ للإنسان سلطاناً على مشيئته، علماً بأنّه لا يستخدم لفظ «حرّيّة». ولقد انتهج التراث المسيحيّ هذا المنهج أيضاً إذ ثابر على استخدام لفظ «حرّيّة» في مدلوله البولسيّ، أيّ الحرّيّة من الخطيئة، وأشار إلى قدرة الإنسان على اتّخاذ قراراته على نحو حرّ بلفظ «السلطان على الذات» (باليونانيّة autexousion)، الذي يحيل إلى حرّيّة الإنسان في اختيار مأكله ومشربه ومسكنه وطبيعة عمله والكتب التي يقرأها والهوايات التي يمارسها وصولاً إلى الأفعال المهمّة التي يقوم بها والقرارات المصيريّة التي يتّخذها. واللافت أنّ بعض معلّمي الكنيسة اعتبر أنّ حرّيّة القرار هذه هي وجه من وجوه الصورة الإلهيّة في الإنسان، حتّى إنّ القدّيس مكسيموس المعترف في حواره مع بطريرك القسطنطينيّة المخلوع بيرروس اعتبر أن تمتّع المسيح بحرّيّة القرار، الذي تكاد تؤكّده كلّ صفحة من صفحات العهد الجديد، إنّما يثبت وجود مشيئة بشريّة حقيقيّة في المسيح هي جزء لا يتجزّأ من كيانه الإنسانيّ-الإلهيّ. ولا أخالني أجانب الصواب في الاعتبار أنّ الحرّيّة هذه، ولا سيّما بالنظر إلى ما يمكن أن تتعرّض له من ضغط على يد الساسة، هي ما أشار إليه الخليفة عمر بن الخطاب في توبيخه العبقريّ لعمرو بن العاص: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحراراً؟». ينتج من هذا كلّه أنّ الحرّيّة في مفهومها الحديث، وكما نظّرت لها شرعة حقوق الإنسان، ليست نسخةً طبق الأصل عمّا ذهبت إليه الأديان من حرّيّة القرار الإنسانيّ، ولا سيّما حرّيّة الموقف الدينيّ. ولكنّ هذه الشرعة تستند بالتأكيد إلى الحدس الدينيّ بالحرّيّة الفرديّة، وتشكّل امتداداً وتطويراً له في مجتمعات حديثة لم تشغلها منذ عشرات السنين مسألة كما شغلتها مسألة الحرّيّة، ما دفع أحد المفكّرين العرب إلى الاعتبار أنّه ليس هناك قضيّة سياسيّة ومجتمعيّة على الإطلاق في حياة الإنسان إلّا قضيّة الحرّيّة. كتب أسعد قطّان:
إلى الصديقة ل. ي. قضيّة الفتاة المصريّة سارة حجازي، التي جاهرت بمثليّتها الجنسيّة وانتحرت قبل أيّام، أعادت طرح مسألة الإصلاح الدينيّ بقوّة. هل الإصلاح الدينيّ ممكن؟ علينا، بادئ ذي بدء، أن ننتبه إلى المصطلحات التي نستخدمها. لفظ «إصلاح» في اللغة العربيّة ليس محايداً، بل ينطوي على مخزون دلاليّ سلبيّ. أنت تقوم بإصلاح الشيء لكونه أضحى غير صالحٍ، أو ضارّ، أو تشوبه علّة ما. هذا الظلّ السلبيّ في المعنى لا يلتصق باللفظ المستخدم في معظم اللغات الأوروبيّة. فكلمة reform، من حيث جذرها اللغويّ، تحيلنا إلى مجرّد إعطاء شكل جديد أو شكل آخر. الشكل القديم ربّما يكون سيئاً، ولكنّه ليس كذلك بالضرورة. هذا من حيث المصطلح. بيد أنّ التبصّر في شؤون الدين وشجونه يتخطّى المصطلحات والإشكاليّات التي تحيق بالمصطلح. خطورة الدعوة إلى «التصرّف» بالدين هو ما يلتصق به من مخزون سيكولوجيّ. أذكر أنّ هذه المركّبة السيكولوجيّة تبدّت لي بوضوح في أحد المؤتمرات التي انعقدت في تونس بعد ربيعها العربيّ. آنذاك، قال أحد الأصدقاء، وهو من فلسطين، ما معناه أنّ عبارة «الإسلام جيّد والمسلمون سيّئون» لا تزعج أحداً في الشرق فيما هي تُعتبر امتهاناً للكرامة الإنسانيّة في الغرب. بالمقابل، عبارة «الإسلام سيّء والمسلمون صالحون» غالباً ما تستفزّ المسلمين في بلادنا وتحدوهم على النزول إلى الشارع للتظاهر فيما هي تكاد لا تثير أحداً في الغرب. القضيّة هنا ليست مجرّد مفهوم الدين بين مجتمعات شكّلتها الحداثة الغربيّة ومجتمعات لم تتمثّل الحداثة إلاّ جزئيّاً، بل القضيّة أيضاً هي أنّ الدين يضرب جذوره عميقاً في تربتنا السيكولوجيّة، ما يجعل الدعوة إلى «إصلاحه» أمراً إشكاليّاً. ترتبط مسألة الإصلاح الدينيّ بقضيّة جوهريّة تتلخّص في السؤال عن الثابت والمتحوّل في كلّ دين من الأديان والعلاقة بينهما. بعبارات أخرى: من يؤمن بضرورة الإصلاح الدينيّ هو من يوسّع رقعة المتحوّل في الدين ويضيّق رقعة الثابت. بخلاف ذلك، من لا يستسيغ الإصلاح الدينيّ، أو يرفضه، هو من يوسّع رقعة الثابت في الدين ويضيّق رقعة المتحوّل، أو حتّى ينكرها. طبعاً، الدراسة التاريخيّة الرصينة تبيّن أنّ الأديان شهدت عبر العصور تغيّرات جمّة وتحوّلات جذريّة. هذا في طبيعة الأشياء الواقعة في مجرى الزمان والمكان. فالأشياء التي لا تتبدّل لا تستطيع أن تستمرّ. والدين يسعى بطبيعة الحال إلى الاستمرار. ولكنّ رافضي فكرة التحوّل في الأديان لا يكترثون في غالبيّتهم للدراسة التاريخيّة. فالدين عندهم غالباً ما يحيلنا لا إلى الواقع التاريخيّ القابل للتحليل والتشريح، بل إلى المتخيَّل، وإلى حيّز مثاليّ لا علاقة له بالشرط التاريخيّ ولا بعلوم التاريخ. من الصعب على الذين يتشبثّون بالدين في صيغته المتخيَّلة، ويسبغون عليه صفة عدم التحوّل، أن يقتنعوا بفكرة الإصلاح الدينيّ. والحقّ أنّ هذا الإصلاح كان في غالبيّة الأحيان (ولكن ليس دائماً) وليد عوامل فرضت ذاتها على الدين وأهله من «الخارج»، إذا جاز التعبير، ولم يأتِ نتيجةً لديناميّات دينيّة «داخليّة»، علماً بأنّ التمييز بين الخارج والداخل هنا له طبعاً حدوده ومحاذيره. وربّما يكون الاستثناء الأكبر من هذه «القاعدة» هو حركة الإصلاح البروتستانتيّ، التي انطلقت من رحم الكنيسة الكاثوليكيّة، وذلك من دون التقليل من شأن عوامل خارجيّة كالحركة الإنسانويّة واختراع الطباعة. التحدّي الأوّل للدين كان الفلسفة. الفلسفة صنو العقل البشريّ الذي يسمح لذاته أن يسائل كلّ شيء ولا يرتضي بأيّ حدود لحرّيّته في التفحّص الفكريّ. الفلسفة اليونانيّة القديمة، مثلاً، منذ هيراقليط راحت تسائل المنظومة الدينيّة اليونانيّة التقليديّة وتضطرّ القائلين بها إلى تشذيب قناعاتهم أو تغييرها. سلطة العقل هذه تكثّفت في العلوم. لم ينجُ عصر من العصور من الصراع بين العلم والدين منذ أرسطو مروراً بالرازي وابن سينا وصولاً إلى الحداثة. ولكنّ تحدّي العلوم للدين تكثّف في الأزمنة الحديثة، وتخطّى نطاق العلوم التجريبيّة كالطبّ والفيزياء. ولا أخالني مخطئاً في الاعتبار أنّ أبرز ما اضطرّ أهل الدين إلى إعادة النظر في عماراتهم العقائديّة كان في القرنين الأخيرين، إلى جانب العلوم التجريبيّة، دخول العلوم الإنسانيّة، كالتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس، على خطّ مساءلة الثابت في الدين. من الممكن أن تجد عالماً تجريبيّاً لامعاً يتعامل مع المنظومة الدينيّة التقليديّة بكلّ سذاجة. الكاتب فرج فودة يروي، مثلاً، في إحدى مقالاته كيف أنّ طالبةً في السنة الخامسة من دراسة الطبّ سألت ذات مرّة أحد شيوخ الإسلام إذا كان الشرع يسمح لها بأن تخلع ثيابها أمام كلب ذكر. هذا الفصام بين العقل والدين ممكن طبعاً لدى الذين حفرت عقولهم العلوم الإنسانيّة أيضاً. ولكنّه هناك أكثر ندرةً في تقديري. العامل الثالث الذي يفضي إلى مراجعة الثابت الدينيّ من خارج الفلسفة والعلوم يمكن أن نضفي عليه تسمية «المعطى الأخلاقيّ». قد تبدو هذه الملاحظة غرائبيّة. هل هناك أخلاق من خارج الدين؟ أليست الأديان هي مربض خيل التنظير الأخلاقيّ؟ لسنا هنا في صدد تقصّي العلاقة بين الدين والأخلاق. نكتفي بالإشارة إلى أنّ هناك مسلّمات أخلاقيّة حازت على إجماع البشر، أو شبه إجماعهم، بفعل التجربة التاريخيّة، وهي ما زالت تضطلع حتّى اليوم بوظيفة مساءلة الأديان ودعوتها إلى إعادة النظر في العلاقة بين الثابت والمتحوّل في تراثاتها. هذه المسلّمات ربّما تكون في منشأها ذات أصول دينيّة. ولكنّ هذا لا يضعف من قدرتها على خلخلة العناصر التي تدافع عنها المؤسّسات الدينيّة بوصفها ثوابت. من وجهة نظر تاريخيّة، يمكن، مثلاً، اعتبار توصّل البشريّة إلى الإقرار بأنّ مؤسّسة العبوديّة تتعارض مع إنسانيّة الإنسان واحدةً من هذه المسلّمات الأخلاقيّة. من المعروف أنّ فكرة المساواة بين البشر لها أصول في الأديان، ولا سيّما في اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام. غير أنّ هذه الأديان لم تنجح تاريخيّاً في نبذ العبوديّة والقبول بإرسائها اجتماعيّاً لو لم تتلقّ دفعاً قويّاً من «خارج» الدين، إذا جاز القول. في زمننا الحاضر، تمارس شرعة حقوق الإنسان هذا الدور. فهي تقرع باب الأديان وتدعوها، بقوّة الخبرة الإنسانيّة التراكميّة، إلى مراجعة دائمة للعلاقة بين الثابت والمتحوّل في عماراتها الفكريّة والعقائديّة. شخصيّاً، أنا مقتنع بأنّ شرعة حقوق الإنسان ليست غريبةً عمّا ترسّب عبر العصور في الجماعات البشريّة من وعي يتّصل اتّصالاً مباشراً بالدين. ولكنّ هذا لا يجعلها أقلّ قدرةً على تفكيك ما يتمسّك به اليوم بعض أهل الدين على أنّه ثابت «دينيّ» لا يتغيّر، وذلك لأسباب ليست لاهوتيّة بالضرورة، بل غالباً ما تكون مرآة لتراكمات جمعيّة أو تهويمات سيكولوجيّة أو مشاريع سلطويّة. ربّما ينبغي لنا اليوم تدبّر مسألة المثليّة الجنسيّة من هذه الزاوية الأخيرة، أي من باب ما يتفجّر في المجتمعات من آفاق أخلاقيّة جديدة بفعل الحفر التاريخيّ وتراكم الخبرة ونمو الوعي، بالإضافة إلى المعارف التي يمكننا أن نجنيها من الطبّ والعلوم الطبيّة والأنثروبولوجيا، وذلك عوضاً من الاعتبار أنّ المعركة هي بين «أقلّيّة» تسلك سلوكاً جنسيّاً «بخلاف الطبيعة» ومنظومة دينيّة ثابتة لا تتغيّر. فهذا النوع من الاستقطاب لا يفضي غالباً سوى إلى مزيد من الضغط والترهيب والانكماش - وذلك حتّى لا نجد أنفسنا ذات يوم في متاهة الشعور بالذنب وشبح سارة حجازي المكسور بالقمع يطاردنا من مكان إلى آخر... حتّى آخر المعمورة. كتب أسعد قطّان:
شخصيّاً أنا ممتن كلّ الامتنان لظاهرة الوباء، ولفيروس كورونا بالذات. إنّه الشعرة التي قصمت ظهر البعير كما قالت العرب. وإنّه الظاهرة التي أظهرت بما لا يقبل الجدل كمّ أنّ القيادة الكنسيّة في الكنيسة الأرثوذكسيّة الأنطاكيّة مضعضعة ومتردّدة. لقد فهمنا الدرس جيّداً واستوعبناه وبتنا قادرين أن نعلّمه لأجيالنا المقبلة لمئات من السنين. فشكراً أيّها الفيروس العظيم. ألا بارك الله فيك. لقد كنت قادراً أن تبيّن في مسافة أسابيع ما كانت قياداتنا الكنسيّة تسعى إلى التستّر عليه وإخفائه طوال سنين. في أزمنة صعود وتيرة الوباء، من المنطقيّ والمقبول كنسيّاً ورعائيّاً أن تُقفل الكنائس لبرهة وأن يضطرّ شعب الله المؤمن إلى الامتناع عن المناولة المقدّسة. فالأولويّة هنا هي لحماية البشر وحماية صحّتهم. والنقاش حول ما إذا كانت طريقة المناولة المقدّسة تسمح بانتقال المرض إلى المتناولين أو تمنعه، رغم أهمّيّته، كان يختزن جانباً عقيماً. فلا أحد لديه استعداد ليضع المتناولين والمناولة المقدّسة تحت مجهر الاختبار العلميّ. ولا أحد، إذا كان متعقّلاً، يجرّب الربّ الإله ويطالبه بعجيبة هنا وعجيبة هناك. «لا تجرّب الربّ إلهك»، كلمات يسوع للشيطان نسيها معظمنا في أزمنة الكورونا. أمّا الآن وقد سُمح بفتح الكنائس وإقامة الصلوات والقدّاس الإلهيّ ضمن ضوابط مقبولة، فلا سبب يستوجب حرمان الشعب من المناولة الإلهيّة. الإجراءات التي فُرضت هنا وهناك، في الكنيسة الأنطاكيّة وخارجها، ولا سيّما في بعض بلاد المهجر، وقضت بالاحتفال بالليتورجيا الإلهيّة والامتناع عن مناولة الشعب تفتقر إلى المستند اللاهوتيّ والليتورجيّ. هي، بكلّ بساطة، إجراءات لا أساس لها في التراث وفي نصّ القدّاس الإلهيّ ذاته ولا يمكن تبريرها لا عبر الاستنجاد بالأزمنة التي كان الناس يتناولون فيها أربع مرّات في السنة، ولا عبر القول إنّ تعليمات الحكومات وصحّة المؤمنين تقتضي ذلك. ما نعيشه في الأمكنة التي تلجأ إلى هذه الممارسة هو في نهاية المطاف تقويض لسرّ الشكر الإلهيّ، وتالياً لسرّ الكنيسة التي تقوم عليه، كما تعلّمنا من الكتاب المقدّس والتراث الأصيل واللاهوتيّين المعاصرين الذين أعادوا اكتشاف تأصّل الكنيسة في سرّ الإفخارستيّا. طبعاً الإبقاء على شكل المناولة الحاليّ بالمطلق، أي التناول من الكأس الواحدة بملعقة واحدة، لا يقدّم حلاًّ، لأنّ ثمّة أناساً «ضعفاء» يخافون من التقدّم. ما العمل؟ الحلّ هو في استنباط شكل آخر بالإضافة إلى الشكل التقليديّ. وثمّة أمثلة في الكنيسة الأرثوذكسيّة يمكن استلهامها والاستفادة منها. طبعاً أنا أتفهّم موقف المطارنة في حيرتهم. هم واقعون بين مطرقة التدابير الصحّيّة وسندان امتناع المجمع الأنطاكيّ المقدّس عن بحث الموضوع. الثابت أنّ المطارنة أسياد قرارهم في أبرشيّاتهم. وموضوع شكل المناولة ليست مسألةً عقائديّة، وهم يستطيعون الاستعانة بطرق أخرى من دون العودة إلى المجمع المقدّس. ولكنّي طبعاً أفهم انتباههم إلى الوحدة وسعيهم إلى أن تكون الأمور بلياقة وترتيب. ولكنّ المشكلة في هذا المنطق أنّ سرّ الكنيسة، وتالياً وحدتها، معرّض للنسف بالامتناع عن مناولة الشعب. وهذه هي المفارقة التي يضعنا الوضع الحاليّ في مواجهتها. ضعضعة القيادة الكنسيّة وتردّدها يقومان في تخاذل المجمع الأنطاكيّ المقدّس، وفي إحجامه عن إقرار شكل آخر للمناولة على وجه السرعة يتناسب مع الأزمة الحاليّة. لو قام المجمع بهذا بصوت واحد وكلمة واحدة، لوفّر علينا الإمعان في ما نحن عليه اليوم من وضع شاذّ لاهوتيّاُ ورعائيّاً، ولحقّق رغبةً عُبّر عنها بصراحة في اللقاء الأنطاكيّ الموسّع الذي انعقد في البلمند العام ١٩٩٣. بين العام ١٩٩٣ والعام ٢٠٢٠ سبع وعشرون سنة. تغيّرت أمور كثيرة منذ ذلك الحين. اخترع العالم الإنترنت والموبايل واكتشف أدويةً للإيدز ولكثير من الحالات السرطانيّة. فهل يوجد مبرّر أن تبقى القيادات الكنسيّة تتحرّك على وقع السلاحف وكأنّها تعيش على كوكب آخر؟ (الأيقونة: تفصيل من تكثير الخبرات الخمس، متحف كوليمباري، كريت) خريستو المرّ
إذا ما أتى رمضان عرف محبّو الله في كلّ دين، أنّ قلوب محبّيه من المسلمين توجّهت إليه لتقول أنّ الله أكبر من كلّ شيء حقّا. في رمضان يقول الصائمون بأجسادهم بأنّ الله لهم هو أكبر من الحاجة الجذريّة إلى الطعام، أنّه حياة الحياة، أنّ العيش وحده ليس هدفا وإنّما الهدف أن يحيا الإنسان ببهاء وكرامة أمام وجه الخالق. عند المحبّين، لم يكن أيّ صوم يوما إلاّ تكثيفا للانشغال بواهب الحياة، بمن هو الحياة بأل التعريف. وتكثيفُ الاهتمامِ لعبةٌ يعرفها العاشقون. الصوم، عند مَنْ استطَاعَهُ صحّيًا؛ رياضة للقلب؛ به يواجه الإنسانُ بجوعه، أي بجسمه وبنفسه التي تجوع إلى الحياة، حقيقتَه: هل قولي بأنّ الله هو الألف والياء، البدء والمنتهى، هو قول صادق؟ ولأنّ الصوم امتداد إلى فوق، فلا معنى له إلاّ بالمشاركة، أي بالبذل كي لا يفنى المساكين إذا ظنّوا أنّ أحدا لا يفكّر بهم. ومن خطا هذه الخطوة الأخيرة نحو المساكين، يقلق؛ ولهذا يسعى حتّى آخر العمر أن يرفع عن المساكين ما يحتجزهم في البؤس. كلّ بذل، وكلّ نضال من أجل عالم أكثر عدلا يتجذّر في الصوم، صوم القلب عن الراحة ليتمسّك بوجه المساكين، أو بوجه الله في المساكين. ومن ذاق طعم الموت في الصوم، يتدرّب على المشاركة، أي على الموت عن انغلاقه، حتّى يرتاح قلبه في قلب الله. هكذا يعرف الإنسان ما سمّاه الغزالي صوم القلب عن الدنيا، وكفّه عمّا سوى الله. وإذا الصوم خبرة انقطاع واتّصال بآن، تتجلّى ببهاء وصمت في خدمة وجه المساكين. الإفطار في الصوم شيء من تذوّق مسبق للعيد، هو عيدٌ يوميٌّ صغيرٌ يتمتم عيد الفطر. فبعد رمضان، يأتي الفطر احتفالاً بالحياة: أن نأكل معا، أي أن تشبع أجسادنا ونفوسنا بعدما عبرت الصحراء وجازفت، وأن تشبع قلوبنا بأن نكون معا. لكنّ القلق الأخير عند من تذكّر، هو قلق الظلم. كيف يمتدّ الفطر بعد الفطر، إلى البُنى الاقتصاديّة والسياسيّة؟ الفاهمون يعلمون أنّ الفقراء والمسحوقين والمهمّشين يلدهم الظلم، والظلم تصنعه السياسات، وكلّ من قرأ عرف هذه الحقيقة البسيطة التي يعرفها أبسط البسطاء. أن يفرح الإنسان بالفطر، وأن يُبقي في قلبه على هذا القلق المحيي بأنّه لا يحيا من نفسه، ولا لنفسه فقط، عيدٌ يشحذ همّته كي يرفض بنى الظلم حوله ويغيّرها، بيده، وإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. والتدريب الذي روّض نفسه عليه بأنّ الحياة أهمّ من العيش يصبح لديه نبع بذل وتضحية من أجل الحياة ببهاءٍ وكرامة. وكي لا يضلّ يعمل الإنسان مع غيره الذي هو آخر بالفعل، فلا يُقصي آخر لاختلافه معه بالإيمان أو بالشكل أو بالعادات، فالإقصاء أوّله آخَر بعيدٌ، وآخِره آخَرُ قريبٌ، وكلّ إقصاء نسيانٌ لله الذي خلق الجميع، وبذاك هو آب الجميع إذ هم عياله. الإقصاء بين الناس، هو طعام الذين ظنّوا أنّهم يكونون بأنفسهم وليس بوجه الله، وبهذا هو إفطارُ موتٍ، هو عكسُ افطار الحياة الذي يربّيه رمضانُ في القلوب. ولأنّ الطائفيّة مُقصِيَة للآخر فهي مرض الذين قالوا آمنّا، ولكنّهم لم يعرفوا في قلوبهم، لا رمضان ولا الفطر ولا الصوم الأربعينيّ عند المسيحيين ولا الفصح. هي مرض هؤلاء الذين فقط قالوا ولمـّا يدخل الله قلوبهم لتحييهم كلماته، فيتغيّروا، ويُغيّروا الأرض لنصبح تباشيرَ سماءٍ بالعدل والتعاضد في الحياة الوطنيّة؛ هي مرض الذين لم يجمعوا أبناء وبنات الله المتفرّقين، ليتوحّدوا بالمشاركة من خيرات الله التي تركها بيننا على هذه البسيطة. الظلم عنفٌ، وهو يُزهق أجسادا ونفوسًا، باعتلال الصحّة، وبالأسى الكبير الذي قد يتحوّل يأسًا ويُنتِج عنفا. كلّ من صام رمضان وأفطر قَبَسًا من وجه الله ووجوه المساكين، لم يستطع أن ينام حتّى يسود عدل يوقف نهر العنف، بدءا من ذاك العنف المـُسَجَّلِ في البنى والسياسات؛ علّ الوطن عندها يصبح مشاركةً، ويفطرُ الجميع بهاءً وعدلاً، ويعرفوا أنفسهم عائلة على مائدته هو، هو الذي صام له المحبّون وبلقائه عيّدوا. We are pleased to announce the publication of a co-edited book by Rev. Dr. Mitri Raheb -- Telos Magazine editorial board member -- with Dr. Saeb Erakat: “The Double Lockdown: Palestine under Occupation and COVID-19”. The book is available for free -- click here
The Covid-19 pandemic is changing both the global and the local scene in Palestine. As the world seeks an effective global response to the COVID-19 pandemic, Palestinians hope for an effective international coalition to bring an end to occupation The first section of the booklet focuses on the political aspects with an opening paper by the Palestinian Chief Negotiator, Dr. Saeb Erakat, on the impact of COVID-19 on international relations and its potential impact on the Israeli-Palestinian conflict The paper is followed by two case studies: Dr. Bernard Sabella, member of the Palestinian Legislative Council, looks at Jerusalem, a city that Israel declared united under its sovereignty. However, during the pandemic, the city is revealed as divided into two different sets of medical and social infrastructure and services. The second case is presented by Xavier Abu Eid who examines the Israeli annexation plan promoted by President Trump that strangles the city of Bethlehem and confiscates two strategic areas west of the city: the Cremisan Valley and Makhrour These papers are followed by a paper by Dr. Dalal Iriqat who examines Israeli politics during COVID-19. The arrival of the virus coincided with a third Israeli election and the forming of a new ‘unity government’ that may have a significant impact on Palestinians The fifth paper by Dr. Faisal Awartani looks at the statistics related to COVID-19 and compares Palestine’s data with that of the rest of the world, concluding with relevant recommendations for international agencies and governments. Dr. Maher Deeb, the Medical Director of Saint Joseph Hospital in Jerusalem, gives then a firsthand account of his experience with the pandemic The second section of the booklet has five papers: The first is by Hani Abu Dayyeh, a leading figure in the Palestinian tourism industry. It analyses the devastating effects of the pandemic on the Palestinian tourism industry in general, particularly the city of Bethlehem which may need two to three years to recover. The second paper by Ms. Randa Siniora provides a gendered perspective on violence against woman. Palestinian women have been exposed to two different forms of violence, one by the Israeli occupation and a second from a Palestinian Arab patriarchal society, with the pandemic complicating domestic violence The third paper in this section by Ambassador Issa Kassissieh examines the performance of churches in Jerusalem in dealing with COVID-19, especially the pandemic measures implemented during the holiest week of Easter, and the dilemma of churches in relation to the civil authorities. A paper by Rev. Dr. Mitri Raheb gives a snapshot of new forms of religious practices that have developed in response to the shutdown of churches caused by the coronavirus. He explains short and long term impact that these changes might have on how religion is lived and experienced. The final paper by Dr. Varsen Aghabekian is a firsthand testimony reflecting the intersection of politics and health by a Jerusalemite who loses a father during the pandemic and within the larger context of occupation. The fight for life, dignity, identity and peace does not cease with death but remains a struggle carried on by one generation after the other. مقدمة
ينظم كل من كلية دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة والمنتدى الأكاديمي المسيحي للمواطنة في العالم العربي المؤتمر السادس الذي يتمحور حول " التعليم العالي نحو مجتمعات حاضنة للتعددية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" في شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام 2020، ويأتي هذا المؤتمر استكمالاً للجهود والطروحات التي تمّت في مؤتمر عام 2019 بعنوان "نحو مجتمعات حاضنة للتعددية"، وذلك انطلاقا من التوصيات التي أكدت ضرورة التركيز على دور التعليم العالي في بناء مجتمعات حاضنة للتعددية والاهتمام بهذا الدور باستمرار وتطويره. الأهداف يهدف المؤتمر إلى تشجيع الباحثين, الخبراء والناشطين من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الانخراط في حوار نقدي بنّاء حول دور التعليم العالي في تعزيز التعددية الاجتماعية والدينية والتعددية المرتبطة بالنوع الاجتماعي. كما سنناقش هنا دور التعليم العالي في تمكين الشابات في العالم العربي. بالإضافة إلى ما سبق؛ سيتناول هذا المؤتمر الشروط والمنصات المستثمرة في التعليم العالي وكيفية استخدام مهارات الناشطين فيها ومعارفهم في بناء مجتمعات أكثر انفتاحًا وانخراطًا؛ ولا بدّ لنا من الاعتراف بأن مجتمعاتنا لا تزال إلى اليوم بعيدة عن معالجة التحديات الاجتماعية الخطيرة وهي بعيدة كذلك عن تقييم طرق التعامل مع العقبات والقيود التي تحبط بعض المبادرات الجيدة، مما يتحتم عليه توفير التعلم نحو المسؤولية الاجتماعية وزيادة الوعي حول الخيارات المختلفة للمجتمعات الحاضنة للتعددية. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى؛ فيهدف المؤتمر إلى تحفيز الباحثين على التحقيق في هذه القضايا في البحوث الحالية والمستقبلية وحث صانعي السياسات وأصحاب القرار على ضمان وجود التعليم العالي في متناول جميع أفراد المجتمع. وعلى هذا النحو، ندعو الباحثين إلى تقديم أوراق علمية تتناول القضايا المتعلقة بالوضع الحالي لمجتمعات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتناقشها وتعالجها في إطار المجتمعات الحاضنة للتعددية، بحيث يوفر مؤتمر "التعليم العالي نحو مجتمعات حاضنة للتعددية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" مظلة للمواضيع الفرعية الآتية: تحديات التعليم العالي وإمكانياته فيما يتعلق بـِ: 1) التعددية الاجتماعية الثقافية. 2) التنوع الديني. 3) النوع الاجتماعي. يوفر المؤتمر منتدى لتبادل الأبحاث الحديثة، وتسليط الضوء على المبادرات الاجتماعية للتغيير، وتعزيز التفاعل والحوار بين المشاركين، وجمع النتائج في دراسة شاملة يسهل نشرها على نطاق اوسع. فإن المشاركة في هذا المؤتمر من دول مختلفة سوف تعزز تعدد التخصصات والثقافات من أجل حوارات حقيقية وأفكار جريئة بشكل مستمر. ومن المقرر أن يُعقد المؤتمر في الفترة الواقعة بين 29 تشرين الأول / أكتوبر و1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020م في جزيرة قبرص. وستتكون من ثلاثة أيام من المحاضرات والحوارات وتقييم السياقات الاجتماعية الثقافية والاقتصادية والتعليمية. كما سيتم تنفيذ البرنامج باللغة العربية. عنوان المؤتمر التعليم نحو مجتمعات حاضنة للتعددية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الهدف الرئيس للمؤتمر إثارة حوار نقدي حول الوضع الحالي في مجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتعلق بـ: التعليم العالي، والتعددية الدينية، والمساواة بين الجنسين، والتماسك الاجتماعي. أهداف المؤتمر • تحليل أثر التعليم العالي على القضايا المتعلقة بالتعددية الدينية والمساواة بين الجنسين والتنوع الاجتماعي والثقافي والسياسي. • استكشاف قصص النجاح وأفضل الممارسات والخبرات وتبادلها. • توفير منتدى ذي صلة وثيقة بين الأعضاء لمناقشة موضوعات المؤتمر. • مشاركة أوراق وتوصيات المؤتمر مع المجتمع الأكاديمي. • تشجيع التحليل متعدد التخصصات وإجراء المزيد من البحوث فيما يتعلق بالتعليم العالي. موضوعات المؤتمر ومحاوره • دور التعليم العالي في التغيير الاجتماعي الحديث. • منظورات ووجهات نظر شاملة حديثة في التعليم العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. • دور التعليم العالي في المساهمة في النمو الاجتماعي والاقتصادي. • دور الإعلام في تشكيل الآراء تجاه المجتمعات الحاضنة للتعددية. • أثر أزمة جائحة فيروس كورونا على التعليم العالي في العالم العربي. • تطوير هويات حصرية ومتعددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اليوم. . تحليل مساقات جامعية من حيث التطرق الى موضوع التعددية. دعوة لإرسال الأوراق البحثية: ندعو الباحثين إلى تقديم أوراق بحثية أصلية وليس بالضرورة منشورة حول أي من الموضوعات ذات الصلة. نرجو ملاحظة ما يلي: يجب أن تكون الأوراق مكتوبة باللغة العربية. • يتم إرسال الأوراق عبر البريد الالكتروني التالي: ideeb@daralkalima.edu.ps • يتم إرسال الملف بصيغة مستند Word وهي الصيغة الوحيدة المقبولة. • 30 مايو 2020: الموعد النهائي لتقديم ملخص حول الورقة البحثية في 500 كلمة حد أقصى. • 15 يونيو 2020: يتم إشعار الراغبين في المشاركة حول قبول الورقة البحثية أو رفضها. • 15 أغسطس 2020: الموعد النهائي لتقديم الورقة البحثية كاملة.
|
Telosقضايا حاليّة أرشيف
|